بالإكرام والإعظام، ولم يكن في شك من الاستحقاق والاختصاص بالحكم، ألا ترى إلى جواب النبي بأنكم المقهورون وأنتم المظلومون فجميع هذه الألفاظ جاءت بها الرواية، ولولا أن سؤال العباس إنما كان عن حصول المراد من التمسكن من المستحق ونفوذ الأمر والنهي لم يكن لجواب النبي بما ذكرناه معنى يعقل ، وكان جوابا عن غير السؤال ورسول الله صلى الله عليه وآله يجل عن صفات النقص كلها لانتظامه صفات الكمال، ونظير ذلك فيما ذكرناه قول رجل لأبيه وهو يعلم أنه وارثه دون الناس كافة أترى ان تركتك تكون لي بعد الوفاة أم تجعل لغيري، وهل ما أهلتني له يتقرر لي أم يغلبني عليه إخواني أو بنو عمى؟
فيقول له الوالد إذا لم يعلم الحال ما يغلب في ظنه من ذلك أو يجيبه بالرجاء وليس سؤال الولد لوالده عن الاستحقاق، وأمثال ذلك كثير في الجواب عنه كفاية وغنى عن الأمثال، انتهى.
واتفق النقل من الخاصة والعامة: على أن العباس قال لأمير المؤمنين " ع " يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وهما في الدار إمدد يدك أبايعك، فيقول الناس عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله، فلا يختلف عليك اثنان، واختلفوا في رواية جواب أمير المؤمنين، فروت العامة انه قال له أو يطمع فيها طامع غيري، قال العباس: ستعلم، فلم يلبثا ان جاءتهما الأخبار بأن الأنصار أقعدت سعدا لتبايعه، وان عمرا جاء بابى بكر فبايعه وسبق الأنصار بالبيعة، فأنشد العباس قول دريد:
أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى * فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد وروت الخاصة: انه قال يا عم ان لي برسول الله شغلا عن ذلك فلما ألح عليه قال يا عم ان رسول الله أوصى إلى وأوصاني أن لا أجرد سيفا بعده حتى يأتيني الناس طوعا وأمرني بجمع القرآن والصمت حتى يجعل الله لي مخرجا.
وادعت المعتزلة ومتكلمو المجبرة ان في هذا دليلا على أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم