وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام وكل ما يعرف من الأخلاق الحسنة ونهانا عن الزنا والفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وكل ما يعرف من السيئات، تلى شيئا يتلى لا يشبهه شئ فصدقناه وآمنا به وعرفنا ان ما جاء به هو الحق من عند الله فعبدنا الله وحده لا شريك له وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا ففارقنا عند ذلك قومنا فآذونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان وان نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وحالوا بيننا وبين ديننا وبلغنا ما نكره ولم نقدر على الامتناع أمرنا نبينا صلى الله عليه وآله أن نخرج إلى بلادك اختيارا لك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا ان لا نظلم عندك أيها الملك. فقال لهم النجاشي: هل معكم مما جائكم به عن الله تعالى شئ؟ فقال له جعفر " ع " نعم قال فاقرء على فقرء عليه صدرا من كهيعص فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلت لحاهم ومصاحفهم ثم قال: والله ان هذا الكلام هو الكلام الذي جاء به عيسى ليخرجان من مشكاة واحدة.
ثم قال لعبد الله بن مسعود بن أبي ربيعة المخزومي وعمرو بن العاص أعبيد هم لكم؟ قالا لا، قال ألكم عليهم دين؟ قالا لا، قال فانطلقا والله لا أسلمهم إليكما أبدا ولا أخلى بينكما وبينهم فالحقا بشأنكما فخرجا من عنده مقبوحين فلما خرجا قال عمرو بن العاص: لأتينه غدا وأعيبهم مما استأصل به خضراءهم فقال عبد الله بن أبي ربيعة وهو أتقى الرجلين فيهما لا تفعل فان للقوم رحما وان كانوا قد خالفوا فما يجب ان تبلغ ذلك منهم فقال والله لأخبرته انهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد فلما كان الغد غدا إليه ودخل عليه فقال: أيها الملك انهم يخالفونك ويقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما يزعمون أنه عبد، فقال النجاشي ان لم يقولوا في عيسى بن مريم مثل قولي أدعهم في أرضي ساعة من نهار، فأرسل إليهم وكانت الدعوة الثانية أشد عليهم من الأولى فاجتمعوا