التفصيل بين قتل الذمي اتفاقا فثمانمائة وقتله اعتيادا، فما في الأخبار الأخيرة باختلافها بحمله له على اختلاف نظر الحاكم، قال: فإذا كان كذلك فللإمام أن يلزمه دية المسلم كاملة تارة وأربعة آلاف درهم اخرى بحسب ما يراه أصلح في الحال وأردع، فأما من كان ذلك منه نادرا لم يكن عليه أكثر من ثمانمائة درهم حسب ما تضمنته الأخبار الأولة، ونفى عنه البأس في المختلف (1)، ومال إليه بعض من تأخر (2)، لظهور وجه الجمع المزبور من الموثق: عن مسلم قتل ذميا، قال فقال: هذا شئ شديد لا يحتمله الناس فليعط أهله دية المسلم حتى ينكل عن قتل أهل السواد وعن قتل الذمي، ثم قال: لو أن مسلما غضب على ذمي فأراد أن يقتله ويأخذ أرضه ويؤدي إلى أهله ثمانمائة درهم إذا يكثر القتل في الذميين، الخبر (3).
وفيه نظر لاشتراك الجمع المفتى به بالتكافؤ المفقود في المقام لكثرة الأخبار الأولة وصحتها وموافقتها الأصل، واشتهارها بإطلاقها شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل لعلها إجماع كما عرفته من الغنية (4)، ولا كذلك الأخبار الأخيرة حتى الموثقة المستشهد بها عليه فإنها بطرف الضد لتلك في المرجحات المزبورة.
ومنها: قولا الصدوق في الفقيه (5) والإسكافي (6)، المفصلان تفصيلا لا يوجد أثر لهما في الأخبار المزبورة، كما لا أثر لتفصيل الشيخ فيها وإن أشعر به الموثق، ولا شاهد لتفصيلهما أصلا. فإذا قولهما أضعف الأقوال جدا، فلا فائدة لذكرهما.