وأما الجواب عن الأخبار الناهية بأن غايتها ثبوت الحرمة لا البطلان الذي هو مفروض المسألة - لأن المنهي عنه ليس بعبادة - فليس في محله، لعدم القائل بالفرق بين الحكمين، فمن قال: بالحرمة أثبت البطلان، ومن قال: بعدمه قال: بنفي الحرمة.
وربما أجيب عنها بمحامل أخر يجمع بينها وبين ما مضى.
منها: ما فعله الشيخ (1)، فحمل هذه على العدي، للخبر: الذي يطلق ثم يراجع ثم يطلق فلا يكون بين الطلاق والطلاق جماع، فتلك تحل له قبل أن تتزوج غيره، والتي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره هي التي تجامع فيما بين الطلاق والطلاق (2). وفي الحسن: عن الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فقال: أخبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي فذكر أنه طلقها للعدة ثلاثا مع المواقعة في كل رجعة (3).
وفيهما مع قصور سندهما سيما الأول مخالفة لما اتفقوا عليه.
ومنها: ما فعله بعض الأصحاب فحمل هذه على ما إذا كان غرضه من الرجعة الطلاق، لحصول البينونة، وتلك على ما إذا كان الغرض أن تكون في حبالته ثم بدا له أن يطلقها (4). قيل: وله شواهد من النصوص (5). وفيه مع مخالفته الإجماع نظر، فإن من النصوص المانعة الصحيح، وهو طويل. وفيه:
فإن طلقها على طهر ثم راجعها فانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت وطهرت ثم طلقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقا،