ولا يمكن تمييزه بالنية، بمعنى أنه إذا نوى أن يطلقها وهي حامل فلا يراجعها إلى أن تضع ثم يتزوجها فيصير حينئذ منهيا عنها، لأن النية لا تؤثر بنفسها في تحقق العدي والسني، بل يتوقفان على شرط متأخر عنها وهو إما الرجعة في العدة والوطء، أو الصبر إلى انقضاء العدة وتجديد العقد، وحينئذ لا تكون حاملا.
فلا يظهر النهي عن طلاق الحامل كذلك، إلا أن يقال: إن تحريم نكاحها بعد الوضع يكون كاشفا عن جعل الطلاق السابق سنيا، فيلحقه حينئذ النهي وهذا أيضا في غاية البعد، لأن خبري النهي إنما دلا عليه وهي حامل مدفوعة بحذافيرها، بأن المراد بالسنة هو الثاني، لا بالمعنى الذي يتعقبه المناقشة، بل بالمعنى الذي يظهر من عبارة النهاية (1) بوجوه سياقية واعتبارات خارجية وصرح به في باب أن المواقعة بعد الرجعة شرط لمريد الطلاق للعدة، وهو أن يطلقها بعد الرجوع من غير وقاع، ويقابله طلاق العدة، وهو ما يكون بعد الرجعة والمواقعة، وبإرادته هنا ذلك صرح جماعة.
وعليه اندفعت المناقشات السابقة إلا النقض بالموثقة الأولة من حيث توهم التصريح فيها بجواز الطلاق لغير العدة، ويدفعه فساد التوهم، لعدم التصريح فيها إلا بوقوع الطلقات في يوم واحد وهو غير ملازم لعدم المواقعة بعد كل رجعة إلا على تقدير اشتراط طهر غير طهر المواقعة، وهو مع مخالفته لإجماع الطائفة مدفوع بالنصوص المستفيضة المتقدمة.
وحينئذ فلا مانع من وقوع الطلقات الثلاث للعدة بوقوع المواقعة بعد كل رجعة، ولا استحالة في وقوعه في يوم أو ليلة حتى يدعى لأجلها الصراحة.