(فصل في مفهوم الحصر) لا يخفى ان ما كان من أدوات الحصر دالا على ثبوت شئ لشيئ ونفيه عن غيره بنفس اللفظ كما هو الحال في كلمة انما فهو خارج عن محل الكلام وداخل في الدلالات المنطوقية واما كلمة الا فهي قد تستعمل وصفية وقد تستعمل استثنائية اما إذا استعملت وصفية فهي لا تفيد الا تقييد المفهوم الافرادي نظير بقية الأوصاف المذكورة في الكلام وقد مر ان تقييد المفهوم الافرادي لا يدل على المفهوم واما إذا استعملت استثنائية فهي لا محالة تدل على المفهوم وعلى نفى الحكم السابق الثابت للمستثنى منه عن المستثنى لان الاستثناء لا يكون الا عن الجملة فتفيد ثبوت نقيض الحكم المذكور في القضية للمستثنى وقد عرفت ان مناط الدلالة على المفهوم وعدمها هو رجوع القيد إلى المفهوم التركيبي وعدمه (إذا عرفت ذلك) فلا بأس بذكر جملة من الفروع المتعلقة بالمقام المذكورة في كتاب الشرايع والقواعد (منها) ما لو قال المقر على لزيد عشرة الا درهما فإنه يثبت في ذمته التسعة لان كلمة الا في هذا الكلام لا تكون الا استثنائية إذ لو كانت وصفية لوجب ان يتبع ما بعدها ما قبلها في اعرابه وبما ان ما بعدها في المثال منصوب مع كون ما قبلها مرفوعا لا تكون هي وصفية فانحصر الامر في كونها استثنائية (ومنها) ما لو قال على لزيد عشرة الا درهم فإنه يثبت في ذمته تمام العشرة (1) لتمحض كلمة الا حينئذ في الوصفية ولا يصح كونها استثنائية والا لزم أن يكون ما بعدها منصوبا على الاستثناء لان الكلام موجب فتمام العشرة المتصفة بأنها غير درهم واحد تثبت في ذمة المقر (ومنها) ما لو قال ليس على لزيد عشرة الا درهم فإنه يثبت في ذمته درهم واحد لان كلمة الا في الكلام وإن كانت قابلة لان تكون استثنائية ولا تكون وصفية بحسب القواعد العربية الا ان الأصل في كلمة الا أن تكون استثنائية ما لم تكن هناك قرينة خارجية على كونها وصفية وبما انه ليست في المثال قرينة على كونها وصفية يلزم حملها على الاستثنائية فيثبت في ذمته
(٤٣٨)