النفسي المتعلق بالمسبب فان المقدور هو السبب وانما المسبب من لوازم وجوده قهرا وليس هو بنفسه تحت اختيار العبد فلا يمكن ان يتعلق به الوجوب لما قد بيا سابقا ان مالا يمكن تعلق الإرادة التكوينية الفاعلية به لا يمكن تعلق الإرادة التشريعية الآمرية به أيضا فلابد من صرف الوجوب الثابت للمسبب في ظاهر الدليل إلى سببه (والتحقيق) في هذا المقام أن يقال أن ما يسمى علة ومعلولا اما يكون وجودا أحدهما مغاير الوجود الآخر في الخارج أو يكونا عنوانين لموجود واحد وإن كان انطباق أحدهما عليه في طول انطباق الآخر لافى عرضه (اما) ما كان من قبيل الأول كشرب الماء ورفع العطش فلا اشكال في أن الإرادة الفاعلية تتعلق بالمعلول أولا لقيام المصلحة به ثم تتعلق بعلته لتوقفه عليها فيكون حال الإرادة التشريعية الآمرية أيضا كذلك وهذا معنى ما يقال من أن المقدور بالواسطة مقدور فلا معنى لصرف الامر المتعلق بالمسبب إلى سببه بعد كون المسبب مقدورا ولو بالواسطة وكونه هو الوافي بالغرض الأصلي (واما) ما كان من قبيل الثاني كالقاء النار والاحراق المتصف بهما فعل واحد في الخارج (1) وإن كان صدق عنوان الالقاء متقدما على صدق عنوان الاحراق رتبة وكذلك عنوان الغسل والتطهير فقد بينا سابقا أن كلا من العنوانين قابل لتعلق التكليف به كما في قوله (عليه السلام) (اغسل ثوبك من أبوال مالا يؤكل لحمه) وقوله تعالى (وثيابك فطهر) فإذا تعلق بالمسبب في ظاهر الخطاب فهو متعلق بذات السبب في نفس الامر لا محالة كما أنه إذا تعلق بالسبب فهو يتعلق به بما انه معنون بمسببه وهذا القسم هو مراد العلامة الأنصاري (قده) من المحصل في ما ذهب إليه من أن البراءة لا تجرى عند الشك في المحصل كما أشرنا إليه
(٢١٩)