لا مجرى هنا للبراءة، لحرمة تصرف كل منهما على تقدير كون المبيع ملك صاحبه وكذا في الثمن، ولا معنى للتخيير أيضا، لأن كلا منهما يختار مصلحته، وتخيير الحاكم هنا لا دليل عليه.
مع أن الكلام في حكم الواقعة، لا في علاج الخصومة.
اللهم إلا أن يتمسك في أمثاله بأصالة عدم ترتب الأثر، بناء على أن أصالة العدم من الأدلة الشرعية، فلو ابدل في الإيراد أصالة البراءة بأصالة العدم كان أشمل.
ويمكن أن يكون هذا الأصل - يعني أصل الفساد وعدم التملك وأمثاله - داخلا في المستثنى في قوله: " لا يثبت تكليف علينا إلا بالعلم أو بظن يقوم على اعتباره دليل يفيد العلم "، بناء على أن أصل العدم من الظنون الخاصة التي قام على اعتبارها الإجماع والسيرة، إلا أن يمنع قيامهما على اعتباره عند اشتباه الحكم الشرعي مع وجود الظن على خلافه.
واعتباره من باب الاستصحاب - مع ابتنائه على حجية الاستصحاب في الحكم الشرعي - رجوع إلى الظن العقلي أو الظن الحاصل من أخبار الآحاد الدالة على الاستصحاب.
اللهم إلا أن يدعى تواترها ولو إجمالا، بمعنى حصول العلم بصدور بعضها إجمالا، فيخرج عن حيز الآحاد (1)، ولا يخلو عن تأمل.
وكيف كان، ففي الأجوبة المتقدمة (2) ولا أقل من الوجه الأخير غنى وكفاية إن شاء الله تعالى.