ورود الشرع ثم بعد ورود الخبر الصحيح إذا حصل من خبر الواحد ظن أقوى منه (1)، انتهى كلامه رفع مقامه.
وفيه: أن حكم العقل بقبح المؤاخذة من دون البيان حكم قطعي لا اختصاص له بحال دون حال، فلا وجه لتخصيصه بما قبل ورود الشرع، ولم يقع فيه خلاف بين العقلاء، وإنما ذهب من ذهب إلى وجوب الاحتياط لزعم نصب الشارع البيان على وجوب الاحتياط من الآيات والأخبار (2) التي ذكروها. وأما الخبر الصحيح فهو كغيره من الظنون إن قام دليل قطعي على اعتباره كان داخلا في البيان، ولا كلام في عدم جريان البراءة معه، وإلا فوجوده كعدمه غير مؤثر في الحكم العقلي.
والحاصل: أنه لا ريب لأحد - فضلا عن أنه لا خلاف (3) - في أنه على تقدير عدم بيان التكليف بالدليل العام أو الخاص فالأصل البراءة، وحينئذ فاللازم إقامة الدليل على كون الظن المقابل بيانا.
ومما ذكرنا ظهر: صحة دعوى الإجماع على أصالة البراءة في المقام، لأنه إذا فرض عدم الدليل على اعتبار الظن المقابل صدق قطعا عدم البيان، فتجري البراءة.
وظهر فساد دفع أصل البراءة بأن المستند فيها إن كان هو الإجماع فهو مفقود في محل البحث، وإن كان هو العقل فمورده صورة