محمد بن شريك المكي حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالاسلام فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم فأصيب بعضهم قال المسلمون كان أصحابنا مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " الآية قال فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الآية لا عذر لهم قال فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم التقية فنزلت هذه الآية " ومن الناس من يقول آمنا بالله " الآية. قال عكرمة: نزلت هذه الآية في شباب من قريش كانوا تكلموا بالاسلام بمكة منهم علي بن أمية بن خلف وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو منصور بن الحجاج والحارث بن زمعة قال الضحاك نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأصيبوا فيمن أصيب فنزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنا من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه مرتكب حراما بالاجماع وبنص هذه الآية حيث يقول تعالى " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " أي بترك الهجرة " قالوا فيم كنتم " أي لم مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة " قالوا كنا مستضعفين في الأرض " أي لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض " قالوا ألم تكن أرض الله واسعة " الآية: وقال أبو داود حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثني يحيى بن حسان أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن يزيد حدثني حبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب أما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله " وقال السدي: لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس " افد نفسك وابن أخيك " فقال يا رسول الله ألم نصل إلى قبلتك ونشهد شهادتك قال " يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم " ثم تلا عليه هذه الآية " ألم تكن أرض الله واسعة " رواه ابن أبي حاتم. وقوله إلا المستضعفين إلى آخر الآية هذا عذر من الله لهؤلاء في ترك الهجرة وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق ولهذا قال " لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " قال مجاهد وعكرمة والسدي يعني طريقا، وقوله تعالى " فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم " أي يتجاوز عنهم بترك الهجرة وعسى من الله موجبة " وكان الله غفورا رحيما " قال البخاري: حدثنا أبو نعيم حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال " سمع الله لمن حمده " ثم قال قبل أن يسجد " اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو معمر المقري حدثني عبد الوارث حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده بعدما سلم وهو مستقبل القبلة فقال " اللهم خلص الوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام وضعفة المسلمين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا من أيدي الكفار " وقال ابن جرير حدثنا المثنى حدثنا حجاج حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الله أو إبراهيم بن عبد الله القرشي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاة الظهر " اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة وضعفة المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ". ولهذا الحديث شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه كما تقدم وقال عبد الرزاق أنبأنا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال سمعت ابن عباس يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان. وقال البخاري: أنبأنا النعمان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب بن أبي مليكة عن ابن عباس " إلا المستضعفين " قال: كنت أنا وأمي ممن عذر الله عز وجل، وقوله " ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة " وهذا تحريض على الهجرة وترغيب في مفارقة المشركين وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه والمرغم مصدر تقول العرب راغم فلان قومه مراغما ومراغمة قال النابغة ابن جعدة.
كطود يلاذ بأركانه * عزيز المراغم والمهرب