قال: " الجهاد في سبيل الله " رواه مسلم. وقوله " عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا " أي بتحريضك إياهم على القتال تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء ومدافعتهم عن حوزة الاسلام وأهله ومقاومتهم ومصابرتهم.
وقوله تعالى " والله أشد بأسا وأشد تنكيلا " أي هو قادر عليهم في الدنيا والآخرة كما قال تعالى " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " الآية، وقوله " من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها " أي من يسعى في أمر فيترتب عليه خير كان له نصيب من ذلك " ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها " أي يكون عليه وزر من ذلك الامر الذي ترتب على سعيه ونيته كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " اشفعوا تؤجروا ويقضى الله على لسان نبيه ما شاء " وقال مجاهد بن جبر: نزلت هذه الآية في شفاعات الناس بعضهم لبعض وقال الحسن البصري قال الله تعالى " من يشفع " ولم يقل من يشفع وقوله " وكان الله على كل شئ مقيتا " قال ابن عباس وعطاء وعطية وقتادة ومطر الوراق مقيتا أي حفيظا وقال مجاهد شهيدا وفي رواية عنه حسيبا. وقال سعيد ابن جبير السدي وابن زيد قديرا وقال عبد الله بن كثير المقيت المواظب وقال الضحاك: المقيت الرزاق. وقال ابن حاتم: حدثنا أبي حدثنا عبد الرحيم بن مطرف حدثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل عن عبد الله بن رواحة وسأله رجل عن قول الله تعالى " وكان الله على كل شئ مقيتا " قال مقيت لكل إنسان بقدر عمله وقوله " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم أو ردوا عليه بمثل ما سلم فالزيادة مندوبة والمماثلة مفروضة. قال ابن جرير: حدثنا موسى بن سهل الرملي حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي حدثنا هشام بن لاحق عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله فقال " وعليكم السلام ورحمة الله " ثم جاء آخر فقال:
السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته " ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته " فقال له " وعليك " فقال له الرجل: يا نبي الله بأبي أنت وأمي أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي فقال " إنك لم تدع لنا شيئا، قال الله تعالى " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " فرددناها عليك " وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقا فقال: ذكر عن أحمد بن الحسن والترمذي: حدثنا عبد الله بن السري أبو محمد الأنطاكي قال أبو الحسن وكان رجلا صالحا:
حدثنا هشام بن لاحق فذكر بإسناده مثله ورواه أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الباقي بن قانع حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان فذكره مثله ولم أره في المسند والله أعلم وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن كثير أخو سليمان بن كثير حدثنا جعفر بن سليمان عن عوف عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه السلام ثم جلس فقال عشر ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه ثم جلس فقال عشرون ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه السلام ثم جلس فقال ثلاثون " وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه ثم قال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف وقال البزار: قد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه هذا أحسنها إسنادا. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا ابن حرب الموصلي حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن الحسن بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسيا ذلك بأن الله يقول فحيوا بأحسن منها أو ردوها. وقال قتادة: فحيوا بأحسن منها يعني للمسلمين أو ردوها يعني لأهل الذمة وهذا التنزيل فيه نظر كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام رد عليه مثل ما قال فأما أهل الذمة فلا يبدؤن بالسلام ولا يزادون بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السلام عليكم فقل وعليك " وفي صحيح