الكريمة من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم [تردى به] (1) فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ". وهذا الحديث ثابت في الصحيحين وكذلك رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل نفسه بشئ عذب به يوم القيامة ". وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من طريق أبي قلابة. وفي الصحيحين من حديث الحسن عن جندب بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح فأخذ سكينا نحر بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله عز وجل عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة " ولهذا قال تعالى " ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما " أي ومن يتعاطى ما نهاه الله عنه متعديا فيه ظالما في تعاطيه أي عالما بتحريمه متجاسرا على انتهاكه " فسوف نصليه نارا " الآية. وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد فليحذر منه كل عاقل لبيب ممن ألقى السمع وهو شهيد. وقوله تعالى " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " الآية أي إذا اجتنبتم كبائر الآثام التي نهيتم عنها كفرنا عنكم صغائر الذنوب وأدخلناكم الجنة ولهذا قال " وندخلكم مدخلا كريما " وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا خالد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس رفعه قال: لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا عز وجل ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر يقول الله " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيأتكم " الآية. وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة فلنذكر منها ما تيسر قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم عن مغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم عن مربع الضبي عن سلمان الفارسي قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " أتدري ما يوم الجمعة " قلت هو اليوم الذي جمع الله فيه أباكم قال " لكن أدري ما يوم الجمعة لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره ثم يأتي الجمعة فينصت حتى يقضي الامام صلاته إلا كانت كفارة له ما بينها وبين الجمعة المقبلة ما اجتنبت المقتلة " وقد روى البخاري من وجه آخر عن سلمان نحوه. وقال أبو جعفر بن جرير حدثني المثنى حدثنا أبو صالح حدثنا الليث حدثني خالد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر أخبرني صهيب مولى الصواري أنه سمع أبا هريرة وأبا سعيد يقولان: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال " والذي نفسي بيده " ثلاث مرات ثم أكب فأكب كل رجل منا يبكي لا ندري ماذا حلف عليه ثم رفع رأسه وفي وجهه البشرى فكان أحب إلينا من حمر النعم فقال: " ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة ثم قيل له ادخل بسلام ". وهكذا رواه النسائي والحاكم في مستدركه من حديث الليث بن سعد به ورواه الحاكم أيضا وابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال به ثم قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " تفسير هذه السبع " وذلك بما ثبت في الصحيحين من حديث سليمان بن هلال عن ثور بن زيد عن سالم أبي الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اجتنبوا السبع الموبقات " قيل يا رسول الله وما هن؟ قال " الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " " طريق أخرى عنه " قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا فهد بن عوف حدثنا أبو عوانة عن عمرو بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الكبائر سبع أولها الاشراك بالله ثم قتل النفس بغير حقها وأكل الربا وأكل مال اليتيم إلى أن يكبر والفرار من الزحف ورمي المحصنات والانقلاب إلى الاعراب بعد الهجرة " فالنص على هذه السبع بأنهن كبائر لا ينفي ما عداهن إلا عند من يقول بمفهوم اللقب وهو ضعيف عند عدم القرينة ولا سيما عند قيام الدليل بالمنطوق على عدم المفهوم كما سنورده من الأحاديث المتضمنة من الكبائر غير هذه السبع فمن ذلك ما رواه الحاكم في مستدركه حيث قال: حدثنا أحمد بن كامل القاضي إملاء حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد حدثنا معاذ بن هانئ حدثنا حرب بن شداد حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير عن أبيه
(٤٩٢)