الله. وقال آخرون: لا يحرم أقل من خمس رضعات لما ثبت في صحيح مسلم من طريق مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن " عشر رضعات معلومات يحرمن " ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن، وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة نحو ذلك. وفي حديث سهلة بنت سهيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن ترضع سالما مولى أبي حذيفة خمس رضعات وكانت عائشة تأمر من يريد أن يدخل عليها أن يرضع خمس رضعات وبهذا قال الشافعي وأصحابه ثم ليعلم أنه لا بد أن تكون الرضاعة في سن الصغر دون الحولين على قول الجمهور. وقد قدمنا الكلام على هذه المسألة في سورة البقرة عند قوله " يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ". ثم اختلفوا هل يحرم لبن الفحل كما هو قول جمهور الأئمة الأربعة وغيرهم أو إنما يختص الرضاع بالام فقط ولا ينتشر إلى ناحية الأب كما هو قول لبعض السلف على قولين تحرير هذا كله في كتاب الأحكام الكبيرة وقوله " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم " أما أم المرأة فإنها تحرم بمجرد العقد على بنتها سواء دخل بها أو لم يدخل بها. وأما الربيبة وهي بنت المرأة فلا تحرم حتى يدخل بأمها فإن طلق الام قبل الدخول بها جاز له أن يتزوج بنتها ولهذا قال " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم " في تزويجهن، فهذا خاص بالربائب وحدهن وقد فهم بعضهم عود الضمير إلى الأمهات والربائب فقال: لا تحرم واحدة من الام ولا البنت بمجرد العقد على الأخرى حتى يدخل بها لقوله " فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم " وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار حدثنا ابن أبي عدي وعبد الاعلى عن سعيد عن قتادة عن جلاس بن عمرو عن علي رضي الله تعالى عنه في رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أيتزوج بأمها قال: هي بمنزلة الربيبة. وحدثنا ابن بشار حدثنا يحيى عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها. وفي رواية عن قتادة عن سعيد عن زيد بن ثابت أنه كان يقول: إذا ماتت فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها فإذا طلقها قبل أن يدخل بها فإن شاء فعل. وقال ابن المنذر: حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني أبو بكر بن حفص عن مسلم بن عويمر الأجدع أن بكر بن كنانة أخبره أن أباه أنكحه امرأة بالطائف قال: فلم أجامعها حتى توفي عمي عن أمها وأمها ذات مال كثير فقال أبي: هل لك في أمها؟ قال: فسألت ابن عباس وأخبرته؟ فقال: انكح أمها قال: وسألت ابن عمر فقال: لا تنكحها فأخبرت أبي بما قالا فكتب إلى معاوية فأخبره بما قالا فكتب معاوية: إني لا أحل ما حرم الله ولا أحرم ما أحل الله وأنت وذاك والنساء سواها كثير فلم ينه ولم يأذن لي فانصرف أبي عن أمها فلم ينكحنيها. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن سماك بن الفضل عن رجل عن عبد الله بن الزبير قال: الربيبة والام سواء لا بأس بها إذا لم تدخل بالمرأة وفي إسناده مبهم. وقال ابن جريج أخبرني عكرمة بن كليد أن مجاهدا قال " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم " أراد بهما الدخول جميعا فهذا القول كما ترى مروى عن علي وزيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير ومجاهد وسعيد بن جبير وابن عباس وقد توقف فيه معاوية وذهب إليه من الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد الصابوني فيما نقله الرافعي عن العبادي وقد روى عن ابن مسعود مثله ثم رجع عنه. قال الطبراني: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري حدثنا عبد الرزاق عن الثوري عن أبي فروة عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود: أن رجلا من بني كمخ من فزارة تزوج امرأة فرأى أمها فأعجبته فاستفتى ابن مسعود فأمره أن يفارقها ثم يتزوج أمها فتزوجها وولدت له أولادا ثم أتى ابن مسعود المدينة فسئل عن ذلك فأخبر أنها لا تحل له فلما رجع إلى الكوفة قال للرجل: إنها عليك حرام ففارقها. وجمهور العلماء على أن الربيبة لا تحرم بالعقد على الام بخلاف الام فإنها تحرم بمجرد العقد. قال ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن محمد حدثنا هارون بن عروة عن عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول: إذا طلق الرجل
(٤٨١)