تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٤٨٩
البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجمها بالحجارة " والحديث في صحيح مسلم وغير ذلك من الأحاديث. وهذا القول هو المشهور عن داود بن علي الظاهري وهو في غاية الضعف لان الله تعالى إذا كان أمر بجلد المحصنة من الإماء بنصف ما على الحرة من العذاب وهو خمسون جلدة فكيف يكون حكمها قبل الاحصان أشد منه بعد الاحصان وقاعدة الشريعة في ذلك عكس ما قال وهذا الشارع عليه السلام سأله أصحابه عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال " اجلدوها " ولم يقل مائة فلو كان حكمها كما زعم داود لوجب بيان ذلك لهم لأنهم إنما سألوا عن ذلك لعدم بيان حكم جلد المائة بعد الاحصان في الإماء وإلا فما الفائدة في قولهم ولم تحصن لعدم الفرق بينهما لو لم تكن الآية نزلت لكن لما علموا أحد الحكمين سألوا عن الآخر فبينه لهم كما في الصحيحين أنهم لما سألوه عن الصلاة عليه فذكرها لهم ثم قال " والسلام ما قد علمتم " وفي لفظ لما أنزل الله قوله " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " قالوا هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك وذكر الحديث وهكذا هذا السؤال.
" الجواب الرابع " عن مفهوم الآية جواب أبي ثور وهو أغرب من قول داود من وجوه وذلك أنه يقول: فإذا أحصن فإن عليهن نصف ما على المحصنات المزوجات الرجم وهو لا يتناصف فيجب أن ترجم الأمة المحصنة إذا زنت وأما قبل الاحصان فيجب جلدها خمسين فأخطأ في فهم الآية وخالف الجمهور في الحكم بل قد قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله ولم يختلف المسلمون في أن لا رجم على مملوك في الزنا وذلك لان الآية دلت على أن عليهن نصف ما على المحصنات من العذاب والألف واللام في المحصنات للعهد وهن المحصنات المذكورات في أول الآية " من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات " والمراد بهن الحرائر فقط من غير تعرض للتزويج بحرة وقوله " نصف ما على المحصنات من العذاب " يدل على أن المراد من العذاب الذي يمكن تبعيضه وهو الجلد لا الرجم والله أعلم. وقد روى أحمد حديثا في رد مذهب أبي ثور من رواية الحسن بن سعيد عن أبيه أن صفية قد زنت برجل من الحمس فولدت غلاما فادعاه الزاني فاختصما إلى عثمان فرفعهما إلى علي بن أبي طالب فقال علي أقضي فيهما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " الولد للفراش وللعاهر الحجر " وجلدهما خمسين خمسين وقيل بل المراد من المفهوم التنبيه بالأعلى على الأدنى أي أن الإماء على النصف من الحرائر في الحد وإن كن محصنات وليس عليهن رجم أصلا لا قبل النكاح ولا بعده وإنما عليهن الجلد بالحالين في السنة قال ذلك صاحب الافصاح وذكر هذا عن الشافعي فيما رواه ابن عبد الحكم وقد ذكر البيهقي في كتاب السنن والآثار عنه وهو بعيد عن لفظ الآية لأنا إنما استفدنا تنصيف الحد من الآية لا من سواها فكيف يفهم منها التنصيف فيما عداها وقال بل أريد بأنها في حال الاحصان لا يقيم الحد عليها إلا الامام ولا يجوز لسيدها إقامة الحد عليها والحالة هذه وهو قول في مذهب أحمد رحمه الله فأما قبل الاحصان فله ذلك والحد في كلا الموضعين نصف حد الحرة وهذا أيضا بعيد لأنه ليس في الآية ما يدل عليه ولولا هذه لم ندر ما حكم الإماء في التنصيف ولوجب دخولهن في عموم الآية في تكميل الحد مائة أو رجمهن كما ثبت في الدليل عليه وقد تقدم عن علي أنه قال: أيها الناس أقيموا الحد على أرقائكم من أحصن منهم ومن لم يحصن وعموم الأحاديث المتقدمة ليس فيها تفصيل بين المزوجة وغيرها لحديث أبي هريرة الذي احتج به الجمهور " إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ". ملخص الآية أنها إذا زنت أقوال. أحدها تجلد خمسين قبل الاحصان وبعده وهل تنفي فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنها تنفي عنه. والثاني لا تنفي عنه مطلقا والثالث أنها تنفي نصف سنة وهو نصف نفي الحرة وهذا الخلاف في مذهب الشافعي وأما أبو حنيفة فعنده أن النفي تعزير ليس من تمام الحد وإنما هو رأي الامام إن شاء فعله وإن شاء تركه في حق الرجال والنساء وعند مالك أن النفي إنما هو على الرجال واما النساء فلا لان ذلك مضاد لصيانتهن وما ورد شئ من النفي في الرجال ولا النساء. نعم حديث عبادة وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه رواه البخاري وذلك مخصوص بالمعنى وهو أن المقصود من النفي الصون وذلك مفقود في نفي النساء والله أعلم والثاني أن الأمة إذا زنت تجلد
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمه تفسير ابن كثير المقدمة 1
2 ترجمة ابن كثير المقدمة 5
3 اسمه ونسبه المقدمة 5
4 مولده ونشأته المقدمة 6
5 عائلته المقدمة 6
6 شيوخه المقدمة 7
7 تلاميذه المقدمة 7
8 أخلاقه ومكانته العلمية المقدمة 8
9 مؤلفاته المقدمة 9
10 وفاته المقدمة 11
11 مصادر ترجمة ابن كثير المقدمة 13
12 - علم التفسير المقدمة 15
13 تعريف التفسير والتأويل المقدمة 15
14 نشأة التفسير وتطوره المقدمة 15
15 مصادر التفسير في عهد الصحابة المقدمة 16
16 مدارس التفسير على عهد الصحابة المقدمة 16
17 تدوين التفسير على عهد التابعين المقدمة 17
18 أنواع التفاسير المقدمة 17
19 التفسير بالمأثور المقدمة 18
20 التفسير والإسرائيليات المقدمة 18
21 الإسرائيليات واثرها في التفسير بالمأثور المقدمة 19
22 أشهر كتب التفسير بالمأثور المقدمة 19
23 - قيمة تفسير ابن كثير المقدمة 21
24 توثيقه وتسميته المقدمة 21
25 منهج تفسير ابن كثير وقيمته العلمية المقدمة 22
26 مصادره المقدمة 23
27 ابن كثير والإسرائيليات المقدمة 23
28 ابن كثير والمسائل الفقهية المقدمة 24
29 مخطوطات التفسير المقدمة 24
30 طبعاته المقدمة 24
31 تفسير ابن كثير خطبة الكتاب 3
32 مقدمة تذكر قبل الفاتحة 8
33 تفسير سورة الفاتحة ذكر ما ورد في فضل الفاتحة 10
34 تفسير الاستعاذة واحكامها 14
35 الكلام على البسملة 17
36 فصل في فضلها 18
37 ذكر أقوال السلف في الحمد 24
38 تفسير سورة البقرة ذكر ما ورد في فضلها مع آل عمران 35
39 ذكر ما ورد في فضل السبع الطوال 37
40 الكلام على فواتح السور 38
41 الكلام على قوله تعالى (الذين يؤمنون بالغيب) 43
42 الكلام على قوله تعالى (ويقيمون الصلاة) 44
43 الكلام على الايمان بالكتب 46
44 الكلام على المؤمنين الذين سبق ذكرهم 47
45 صفة الكافرين 47
46 صفة المنافقين 50
47 الامر بعبادة الله والتذكير بنعمه 60
48 خلق السماوات والأرضين 70
49 كلام الله عز وجل للملائكة 71
50 تعليم الله الأسماء لآدم 76
51 سجود الملائكة لآدم 78
52 سكن آدم وزوجته الجنة 82
53 الامر بإقامة الصلاة وايتاء الزكاة 88
54 تذكير بنى إسرائيل بنعم الله عليهم 92
55 تعنت بنى إسرائيل على سيدنا موسى 97
56 استسقاء موسى لقومه 104
57 ضرب الذلة والمسكنة على بني إسرائيل 106
58 رفع الطور فوقهم 108
59 اعتداء أصحاب السبت 109
60 أمر بني إسرائيل بذبح البقرة 111
61 ذكر بسط قصة البقرة 112
62 قسوة قلوبهم بعد ظهور الآيات 117
63 قصة هاروت وماروت 138
64 الكلام على السحر 146
65 أنواع السحر 150
66 نهى الله المؤمنين عن التشبه بالكافرين 153
67 تفسير قوله تعالى (ما ننسخ من آية) 154
68 تفسير قوله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) 160
69 تفسير قوله تعالى (ولله المشرق والمغرب) 162
70 تفسير قوله تعالى (إنا أرسلناك بالحق بشيرا) 167
71 تفسير قوله تعالى (وإذ ابتلى إبراهيم ربه) 168
72 تفسير قوله تعالى (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) 173
73 قصة أم إسماعيل عليهما السلام 181
74 بناء إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام البيت 182
75 ذكر بناء قريش الكعبة بعد إبراهيم 186
76 دعاء سيدنا إبراهيم لأهل الحرم 189
77 وصية سيدنا إبراهيم لبنيه 190
78 وصية سيدنا يعقوب لبنيه 191
79 الامر بالايمان بالله وكتبه ورسله 192
80 تفضيل الأمة المحمدية على سائر الأمم 194
81 الامر باستقبال الكعبة في الصلاة 198
82 الامر بالمسابقة إلى الخيرات 200
83 فضل الصابرين 203
84 السعي بين الصفا والمروة 204
85 وعيد من كتم العلم 206
86 الآيات الدالة على وحدانيته تعالى 207
87 الامر بالاكل من الحلال 209
88 الامر بشكر الاله 210
89 تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله 210
90 صفات المؤمنين الأبرار المتقين 213
91 الامر بالقصاص 215
92 الامر بالوصية 217
93 فرض الصيام 219
94 فضل شهر رمضان 221
95 يحرم أكل أموال الناس بالباطل 231
96 الكلام عن الأهلة 232
97 الجهاد في سبيل الله 233
98 الامر بالانفاق في سبيل الله 235
99 الامر بالحج والعمرة 236
100 أشهر الحج 242
101 الامر بالإفاضة 249
102 الامر بذكر الله بعد قضاء المناسك 250
103 الامر بذكر الله في الأيام المعدودات والمعلومات. 252
104 الامر بتقوى الله عز وجل 253
105 المر بالدخول في الاسلام 255
106 فضل المؤمنين 256
107 الانفاق على الوالدين والأقربين 259
108 الامر بقتال الكفار 259
109 تحريم القتال في الأشهر الحرم 259
110 تفسير قوله تعالى (ويسألونك عن الخمر) 262
111 الامر باصلاح شأن اليتامى 262
112 تحريم النكاح المشركات وانكاح المشركين 264
113 الامر باعتزال النساء في أيام الحيض 265
114 الكلام على قوله تعالى (نساءكم حرث لكم). 266
115 الكلام على قوله تعالى (فاتوهن من حيث أمركم الله) 267
116 النهي عن الاكثار من الحلف بالله 273
117 عدة المطلقة 276
118 عدد الطلاق الشرعي 278
119 النهي عن تعدي حدود الله 284
120 مدة الرضاعة 290
121 عدة المتوفى عنها زوجها 291
122 الامر بالمحافظة على الصلوات 297
123 نصر المؤمنين مع قلتهم على الكافرين مع كثرتهم 309
124 تفضيل سيدنا محمد على سائر الرسل 311
125 فضل آية الكرسي 312
126 الكلام على الكرسي 316
127 قصة إبراهيم عليه السلام مع النمرود 320
128 قصة عزير عليه السلام 321
129 إحياء الموتى لسيدنا إبراهيم 322
130 فضل الانفاق في سبيل الله 324
131 الحث على الانفاق 327
132 النهي عن أكل الربا 334
133 الامر بكتابة الدين 341
134 الامر بأداء الأمانة وعدم كتمان الشهادة 345
135 الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله 348
136 تفسير سورة آل عمران الكلام على قوله تعالى (هو الذي يصوركم) 352
137 الكلام على المحكم والمتشابه 352
138 ما أعده الله للمتقين 359
139 صفة المتقين 361
140 تفسير قوله تعالى (إن الدين عند الله الاسلام) 361
141 من ادعى محبة الله فليتبع رسوله صلى الله عليه وسلم 366
142 ذكر من اصطفاهم الله من عباده 366
143 دعاء زكريا عليه السلام 368
144 بشارة السيدة مريم بعيسى عليه السلام 372
145 معجزات سيدنا عيسى عليه السلام 372
146 أنصار سيدنا عيسى عليه السلام 373
147 رفع سيدنا عيسى عليه السلام 374
148 مثل عيسى كمثل آدم عليه السلام 375
149 أولى الناس بإبراهيم المؤمنون 380
150 أخذ العهد على الأنبياء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم 385
151 لا يقبل الله دينا غير الاسلام 386
152 الامر بالانفاق من أحب شيء إلى المنفق 389
153 الكعبة هي أول بيت وضع للناس 391
154 الامر بالتمسك بالكتاب والسنة 395
155 الحث على الامر بالمعرف والنهي عن المنكر 398
156 نصر الله للمؤمنين في غزوة بدر 408
157 امتنان الله المؤمنين بارسال الرسول 429
158 حياة الشهداء 435
159 التنفير من البخل والوعيد عليه 441
160 معاهدة الله لأهل العلم ببيانه وعدم كتمانه عن خلق الله 445
161 الآيات الدالة على عظمة الله سبحانه وتعالى 447
162 سورة النساء جواز نكاح الرجل أربع من النساء مع القدرة والعدل بينهن 459
163 وعيد من أكل مال اليتيم 465
164 تفسير آية الميراث 467
165 الحث على التوبة 473
166 بيان من يحرم على الرجل نكاحهن 480
167 تفضيل الرجال على النساء 503
168 الامر بعبادة الله وحده والاحسان إلى الوالدين 505
169 الكلام على قوله تعالى (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) الآية 509
170 مشروعية التيمم عند فقد الماء 511
171 سبب مشروعية التيمم 518
172 أمر أهل الكتاب بالايمان بالقرآن 520
173 جواز مغفرة جميع الذنوب ما عدا الاشراك بالله 520
174 ذكر نعم الله على آل إبراهيم 525
175 أمر الحاكم بإقامة العدل بين الناس 527
176 الامر بإطاعة الله والرسول وأولي الامر 529
177 الامر بالرجوع إلى كتاب الله وسنة الرسول عند التنازع 529
178 لا يكون الرجل مؤمنا حتى يرضى بما حكم به رسول الله 532
179 منزلة من يطع الله والرسول 534
180 كيفية رد السلام 543
181 من أركان الايمان: الايمان بالبعث 543
182 وعيد من قتل مؤمنا متعمدا 547
183 مشروعية قصر الصلاة في السفر 557
184 مشروعية صلاة الخوف 559
185 الامر بذكر الله عقب الصلاة 562
186 الحث على التوبة 565
187 فضل الاسلام مع العمل الصالح 570
188 لا يقبل الله عملا إلا إذا خلا من الرياء والبدعة 572
189 الامر بتأدية الشهادة بالحق ولو على النفس 578
190 من لم يزل المنكر فليزل عنه 579
191 بعض صفات المنافقين 580
192 كفر من فرق بين الله ورسله في الايمان 585
193 ما قتل المسيح وما صلب بل رفع إلى السماء حيا 586
194 ذكر الأحاديث الواردة في نزول عيسى 591
195 صفة عيسى عليه السلام 596