البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجمها بالحجارة " والحديث في صحيح مسلم وغير ذلك من الأحاديث. وهذا القول هو المشهور عن داود بن علي الظاهري وهو في غاية الضعف لان الله تعالى إذا كان أمر بجلد المحصنة من الإماء بنصف ما على الحرة من العذاب وهو خمسون جلدة فكيف يكون حكمها قبل الاحصان أشد منه بعد الاحصان وقاعدة الشريعة في ذلك عكس ما قال وهذا الشارع عليه السلام سأله أصحابه عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال " اجلدوها " ولم يقل مائة فلو كان حكمها كما زعم داود لوجب بيان ذلك لهم لأنهم إنما سألوا عن ذلك لعدم بيان حكم جلد المائة بعد الاحصان في الإماء وإلا فما الفائدة في قولهم ولم تحصن لعدم الفرق بينهما لو لم تكن الآية نزلت لكن لما علموا أحد الحكمين سألوا عن الآخر فبينه لهم كما في الصحيحين أنهم لما سألوه عن الصلاة عليه فذكرها لهم ثم قال " والسلام ما قد علمتم " وفي لفظ لما أنزل الله قوله " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " قالوا هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك وذكر الحديث وهكذا هذا السؤال.
" الجواب الرابع " عن مفهوم الآية جواب أبي ثور وهو أغرب من قول داود من وجوه وذلك أنه يقول: فإذا أحصن فإن عليهن نصف ما على المحصنات المزوجات الرجم وهو لا يتناصف فيجب أن ترجم الأمة المحصنة إذا زنت وأما قبل الاحصان فيجب جلدها خمسين فأخطأ في فهم الآية وخالف الجمهور في الحكم بل قد قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله ولم يختلف المسلمون في أن لا رجم على مملوك في الزنا وذلك لان الآية دلت على أن عليهن نصف ما على المحصنات من العذاب والألف واللام في المحصنات للعهد وهن المحصنات المذكورات في أول الآية " من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات " والمراد بهن الحرائر فقط من غير تعرض للتزويج بحرة وقوله " نصف ما على المحصنات من العذاب " يدل على أن المراد من العذاب الذي يمكن تبعيضه وهو الجلد لا الرجم والله أعلم. وقد روى أحمد حديثا في رد مذهب أبي ثور من رواية الحسن بن سعيد عن أبيه أن صفية قد زنت برجل من الحمس فولدت غلاما فادعاه الزاني فاختصما إلى عثمان فرفعهما إلى علي بن أبي طالب فقال علي أقضي فيهما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " الولد للفراش وللعاهر الحجر " وجلدهما خمسين خمسين وقيل بل المراد من المفهوم التنبيه بالأعلى على الأدنى أي أن الإماء على النصف من الحرائر في الحد وإن كن محصنات وليس عليهن رجم أصلا لا قبل النكاح ولا بعده وإنما عليهن الجلد بالحالين في السنة قال ذلك صاحب الافصاح وذكر هذا عن الشافعي فيما رواه ابن عبد الحكم وقد ذكر البيهقي في كتاب السنن والآثار عنه وهو بعيد عن لفظ الآية لأنا إنما استفدنا تنصيف الحد من الآية لا من سواها فكيف يفهم منها التنصيف فيما عداها وقال بل أريد بأنها في حال الاحصان لا يقيم الحد عليها إلا الامام ولا يجوز لسيدها إقامة الحد عليها والحالة هذه وهو قول في مذهب أحمد رحمه الله فأما قبل الاحصان فله ذلك والحد في كلا الموضعين نصف حد الحرة وهذا أيضا بعيد لأنه ليس في الآية ما يدل عليه ولولا هذه لم ندر ما حكم الإماء في التنصيف ولوجب دخولهن في عموم الآية في تكميل الحد مائة أو رجمهن كما ثبت في الدليل عليه وقد تقدم عن علي أنه قال: أيها الناس أقيموا الحد على أرقائكم من أحصن منهم ومن لم يحصن وعموم الأحاديث المتقدمة ليس فيها تفصيل بين المزوجة وغيرها لحديث أبي هريرة الذي احتج به الجمهور " إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ". ملخص الآية أنها إذا زنت أقوال. أحدها تجلد خمسين قبل الاحصان وبعده وهل تنفي فيه ثلاثة أقوال: أحدها أنها تنفي عنه. والثاني لا تنفي عنه مطلقا والثالث أنها تنفي نصف سنة وهو نصف نفي الحرة وهذا الخلاف في مذهب الشافعي وأما أبو حنيفة فعنده أن النفي تعزير ليس من تمام الحد وإنما هو رأي الامام إن شاء فعله وإن شاء تركه في حق الرجال والنساء وعند مالك أن النفي إنما هو على الرجال واما النساء فلا لان ذلك مضاد لصيانتهن وما ورد شئ من النفي في الرجال ولا النساء. نعم حديث عبادة وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه رواه البخاري وذلك مخصوص بالمعنى وهو أن المقصود من النفي الصون وذلك مفقود في نفي النساء والله أعلم والثاني أن الأمة إذا زنت تجلد