وغيرهم وإن كان بعض السلف قد توقف في ذلك وقال الامام مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية وما كنت لأمنع ذلك فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الامر شئ ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. وقال مالك: قال ابن شهاب أراه علي بن أبي طالب قال:
وبلغني عن الزبير بن العوام مثل ذلك قال ابن عبد البر النمري رحمه الله في كتاب الاستذكار: إنما كنى قبيصة بن ذؤيب عن علي بن أبي طالب لصحبته عبد الملك بن مروان وكانوا يستثقلون ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم قال أبو عمر: حدثني خلف بن أحمد قراءة عليه أن خلف بن مطرف حدثهم حدثنا أيوب بن سليمان وسعيد بن سليمان ومحمد بن عمر بن لبابة قالوا: حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا أبو عبد الرحمن المقري عن موسى بن أيوب الغافقي حدثني عمي إياس بن عامر قال: سألت علي بن أبي طالب فقلت إن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سرية فولدت لي أولادا ثم رغبت في الأخرى فما أصنع. فقال علي رضي الله عنه: تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى. قلت: فإن ناسا يقولون بل تزوجها ثم تطأ الأخرى فقال علي: أرأيت إن طلقها زوجها. أو مات عنها أليس ترجع إليك؟ لان تعتقها أسلم لك. ثم أخذ علي بيدي فقال لي: إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله عز وجل من الحرائر إلا العدد أو قال إلا الأربع ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب ثم قال أبو عمر: هذا الحديث رحلة رجل ولم يصب من أقصى المغرب والمشرق إلى مكة غيره لما خابت رحلته قلت: وقد روي عن علي نحو ما روي عن عثمان. وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن العباس حدثني محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي حدثنا عبد الرحمن بن غزوان حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب حرمتهما آية وأحلتهما آية - يعني الأختين. قال ابن عباس: يحرمن علي قرابتي منهن ولا يحرمن قرابة بعضهن من بعض يعني الإماء وكانت الجاهلية يحرمون ما تحرمون إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين فلما جاء الاسلام أنزل الله " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف " " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " يعني في النكاح ثم قال أبو عمر: وروى الإمام أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن سلمة عن هشام عن ابن سيرين عن ابن مسعود قال: يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد وعن ابن مسعود والشعبي نحو ذلك قال أبو عمر وقد روى مثل قول عثمان عن طائفة من السلف منهم ابن عباس ولكن اختلف عليهم ولم يلتفت إلى ذلك أحد من فقهاء الأمصار والحجاز والعراق ولا ما وراءهما من المشرق ولا بالشام والمغرب إلا من شذ عن جماعتهم باتباع الظاهر ونفي القياس وقد ترك من يعمل ذلك ظاهرا ما اجتمعنا عليه وجماعة الفقهاء متفقون على أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطئ كما لا يحل ذلك في النكاح وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " إلى آخر الآية أن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء وكذلك يجب أن يكون نظرا وقياسا الجمع بين الأختين وأمهات النساء والربائب وكذلك هو عند جمهورهم وهم الحجة المحجوج بها من خالفها وشذ عنها. وقوله تعالى " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم " أي وحرم عليكم من الأجنبيات المحصنات وهى المزوجات إلا ما ملكت أيمانكم يعني إلا ما ملكتموهن بالسبي فإنه يحل لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن فإن الآية نزلت في ذلك. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان هو الثوري عن عثمان البتي عن أبي الخليل عن أبي سعيد الخدري قال: أصبنا سبيا من سبي أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج فسألنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت هذه الآية " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم " فاستحللنا فروجهن وهكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع عن هشيم ورواه النسائي من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج ثلاثتهم عن عثمان البتي ورواه ابن ماجة من حديث أشعث بن سوار عن عثمان البتي ورواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة عن قتادة كلاهما عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم