عن عطاء: هو أن تهدى إليه فيكشف ويفتش ويجلس بين رجليها قالت: أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها؟ قال:
هو سواء وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها. وقال ابن جرير: وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأة لا تحرم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها وقبل النظر إلى فرجها بشهوة ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
وقوله تعالى " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " أي وحرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية كما قال تعالى " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم " الآية وقال ابن جريج: سألت عطاء عن قوله " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " قال: كنا نحدث والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نكح امرأة زيد قال المشركون بمكة في ذلك فأنزل الله عز وجل " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " ونزلت " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " ونزلت " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا خالد بن الحارث عن الأشعث عن الحسن بن محمد أن هؤلاء الآيات مبهمات " وحلائل أبنائكم " " وأمهات نسائكم " ثم قال: وروى عن طاوس وإبراهيم والزهري ومكحول نحو ذلك " قلت " معنى مبهمات أي عامة في المدخول بها وغير المدخول فتحرم بمجرد العقد عليها وهذا متفق عليه فإن قيل فمن أين تحرم امرأة ابنه من الرضاعة كما هو قول الجمهور ومن الناس من يحكيه إجماعا وليس من صلبه؟ فالجواب من قوله صلى الله عليه وسلم " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " وقوله تعالى " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " الآية أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين معا في التزويج وكذا في ملك اليمين إلا ما كان منكم في جاهليتكم فقد عفونا عنه وغفرناه. فدل على أنه لا مثنوية فيما يستقبل لأنه استثنى مما سلف كما قال " لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى " فدل على أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا وقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة قديما وحديثا على أنه يحرم الجمع بين الأختين في النكاح ومن أسلم وتحته أختان خير فيمسك إحداهما ويطلق الأخرى لا محالة. قال الإمام أحمد: حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن أبي وهب الجشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال: أسلمت وعندي امرأتان أختان فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة من حديث ابن لهيعة وأخرجه أبو داود والترمذي أيضا من حديث يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن أبي وهب الجشاني قال الترمذي واسمه دليم بن الهوشع عن الضحاك بن فيروز الديلمي عن أبيه به وفي لفظ للترمذي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اختر أيتهما شئت " ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن وقد رواه ابن ماجة أيضا بإسناد آخر فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبي وهب الجشاني عن أبي خراش الرعيني قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أختان تزوجتهما في الجاهلية فقال " إذا رجعت فطلق إحداهما " قلت: فيحتمل أن أبا خراش هذا هو الضحاك بن فيروز ويحتمل أن يكون غيره فيكون أبو وهب قد رواه عن اثنين عن فيروز الديلمي والله أعلم. وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا أحمد بن يحيى الخولاني حدثنا هيثم بن خارجة حدثنا يحيى بن إسحاق عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زر بن حكيم عن كثير بن مرة عن الديلمي قال: قلت يا رسول الله إن تحتي أختين قال: " طلق أيهما شئت " فالديلمي المذكور أولا هو الضحاك (1) بن فيروز الديلمي رضي الله عنه وكان من جملة الامراء باليمن الذين ولوا قتل الأسود العنسي المتنبئ لعنه الله وأما الجمع بين الأختين في ملك اليمين فحرام أيضا لعموم الآية. وقال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبو زرعة حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عبد الله بن أبي عنبة - أو عتبة - عن ابن مسعود أنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين فكرهه فقال له يعني السائل يقول الله تعالى " إلا ما ملكت أيمانكم " فقال له ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: وبعيرك مما ملكت يمينك. وهذا هو المشهور عن الجمهور والأئمة الأربعة