محمد بن أحمد بن ثابت المروزي حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " وذلك أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها فأحكم الله تعالى عن ذلك أي نهى عن ذلك تفرد به أبو داود وقد رواه عن غير واحد عن ابن عباس بنحو ذلك. وروى وكيع عن سفيان عن علي بن نديمة عن مقسم عن ابن عباس كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها فجاء رجل فألقى عليها ثوبا كان أحق بها فنزلت " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ". وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها " قال كان الرجل إذا مات وترك جارية ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها. وروى العوفي عنه عن الرجل من أهل المدينة إذا مات حميم أحدهم ألقى ثوبه على امرأته فورث نكاحها ولم ينكحها أحد غيره وحبسها عنده حتى تفتدي منه بفديه. فأنزل الله " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ". وقال زيد بن أسلم في الآية عن أهل يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله وكان يعضلها حتى يرثها أو يزوجها من أراد وكان أهل تهامة يسئ الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها ويشترط عليها أن لا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاها فنهى الله المؤمنين عن ذلك رواه ابن أبي حاتم وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا موسى بن إسحاق حدثنا علي بن المنذر. حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال: لما توفي أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته وكان لهم ذلك في الجاهلية فأنزل الله " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ". ورواه ابن جرير من حديث محمد بن فضيل به ثم روى من طريق ابن جريج قال: أخبرني عطاء أن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل وترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم فنزلت " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها " الآية. وقال ابن جريج قال مجاهد كان الرجل إذا توفي كان ابنه أحق بامرأته ينكحها إن شاء إذا لم يكن ابنها أو ينكحها من شاء أخاه أو ابن أخيه. وقال ابن جريج قال عكرمة نزلت في كبيشة بنت معن بن عاصم بن الأوس توفي عنها أبو قيس بن الأسلت فجنح عليها ابنه فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقالت يا رسول الله: لا أنا ورثت زوجي ولا أنا تركت فأنكح! فأنزل الله هذه الآية وقال السدي عن أبي مالك: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها جاء وليه فألقى عليها ثوبا فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها حتى يشب أو تموت فيرثها فإن هي انفلتت فأتت أهلها ولم يلق عليها ثوبا نجت فأنزل الله " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ". وقال مجاهد في الآية: كان الرجل يكون في حجره اليتيمة هو يلي أمرها فيحبسها رجاء أن تموت امرأته فيتزوجها أو يزوجها ابنه رواه ابن أبي حاتم ثم قال وروى عن الشعبي وعطاء بن أبي رباح وأبي مجلز والضحاك والزهري وعطاء الخراساني ومقاتل بن حيان نحو ذلك. قلت: فالآية تعم ما كان يفعله أهل الجاهلية وما ذكره مجاهد ومن وافقه وكل ما كان فيه نوع من ذلك والله أعلم وقوله " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن " أي لا تضاروهن في العشرة لتترك ما أصدقتها أو بعضه أو حقا من حقوقها عليك أو شيئا من ذلك على وجه القهر لها والاضرار. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " ولا تعضلوهن " يقول ولا تقهروهن " لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن " يعني الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي به وكذا قال الضحاك وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير وقال ابن المبارك وعبد الرزاق أخبرنا معمر أخبرني سماك بن الفضل عن ابن السلماني قال: نزلت هاتان الآيتان إحداهما في أمر الجاهلية والأخرى في أمر الاسلام.
قال عبد الله بن المبارك يعني قوله " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها " في الجاهلية " ولا تعضلوهن " في الاسلام وقوله " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " قال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب، والشعبي والحسن البصري ومحمد بن سيرين وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة وعطاء الخراساني والضحاك وأبو قلابة وأبو صالح السدي وزيد بن أسلم وسعيد بن أبي هلال يعني بذلك الزنا يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق