حدثنا أبو سعيد الأنصاري عن أبي يحيى مولى آل الزبير بن العوام عن الزبير بن العوام قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر فقال: حدثنا علي بن حسين حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني حدثنا عمر بن حفص بن ثابت أبو سعيد الأنصاري حدثنا عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عن الزبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قرأ هذه الآية " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة " قال: قال " وأنا أشهد أي رب " وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير حدثنا عبدان بن أحمد وعلي بن سعيد الرازي قالا: حدثنا عمار بن عمر المختار حدثني أبي حدثني غالب القطان قال:
أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش فلما كانت ليلة أردت أن أنحدر قام فتهجد من الليل فمر بهذه الآية " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الاسلام " ثم قال الأعمش: وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عند الله وديعة " إن الدين عند الله الاسلام " قالها مرارا قلت: لقد سمع فيها شيئا فغدوت إليه فودعته ثم ثم قلت يا أبا محمد إني سمعتك تردد هذه الآية قال: أوما بلغك ما فيها قلت: أنا عندك منذ شهر لم تحدثني قال: والله لا أحدثك بها إلى سنة فأقمت سنة فكنت على بابه فلما مضت السنة قلت يا أبا محمد قد مضت السنة قال: حدثني أبو وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله عز وجل: عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة " وقوله تعالى " إن الدين عند الله الاسلام " إخبارا منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الاسلام وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم فمن لقي الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته فليس بمتقبل كما قال تعالى " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه " الآية. وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل منه عنده في الاسلام " إن الدين عند الله الاسلام " وذكر ابن جرير: أن ابن عباس قرأ " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الاسلام " بكسر إنه وفتح أن الدين عند الله الاسلام أي شهد هو والملائكة وأولوا العلم من البشر بأن الدين عند الله الاسلام والجمهور قرأوها بالكسر على الخبر وكلا المعنيين صحيح ولكن هذا على قول الجمهور أظهر والله أعلم ثم أخبر تعالى بأن الذين أوتوا الكتاب الأول إنما اختلفوا بعدما قامت عليهم الحجة بإرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم فقال " وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم " أي بغى بعضهم على بعض فاختلفوا في الحق لتحاسدهم وتباغضهم وتدابرهم فحمل بعضهم بغض البعض الآخر على مخالفته في جميع أقواله وأفعاله وإن كانت حقا ثم قال تعالى " ومن يكفر بآيات الله " أي من جحد ما أنزل الله في كتابه " فإن الله سريع الحساب " أي فإن الله سيجازيه على ذلك ويحاسبه على تكذيبه ويعاقبه على مخالفته كتابه.
ثم قال تعالى " فإن حاجوك " أي جادلوك في التوحيد " فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن " أي فقل أخلصت عبادتي لله وحده لا شريك له ولا ند له ولا ولد ولا صاحبة له " ومن اتبعن " أي على ديني يقول كمقالتي كما قال تعالى " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " الآية ثم قال تعالى آمرا لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى طريقته ودينه والدخول في شرعه وما بعثه الله به: الكتابيين من المليين والأميين من المشركين فقال تعالى " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ " أي والله عليه حسابهم وإليه مرجعهم ومآبهم وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ولهذا قال تعالى " والله بصير بالعباد " أي هو عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة وهو الذي " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " وما ذلك إلا لحكمته ورحمته وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق كما هو معلوم من دينه ضرورة وكما دل عليه الكتاب والسنة في غير ما آية