حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين كتفيه غير أنه لا يوحى إليه " رواه وكيع بن الجراح في تفسيره عن إسماعيل بن رافع عن رجل لم يسمه عن عبد الله بن عمر. وقوله وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع ويزيد قالا: حدثنا إسماعيل يعني ابن أبي خالد عن قيس وهو ابن أبي حازم عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها " وهكذا رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة من طرق متعددة عن إسماعيل بن أبي خالد به.
وقوله " وما يذكر إلا أولوا الألباب " أي وما ينتفع بالموعظة والتذكار إلا من له لب وعقل يعني به الخطاب ومعنى الكلام.
وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار (270) إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير (271) يخبر تعالى بأنه عالم بجميع ما يفعله العاملون من الخيرات من النفقات والمنذورات وتضمن ذلك مجازاته على ذلك أوفر الجزاء للعاملين لذلك ابتغاء وجهه ورجاء موعوده وتوعد من لا يعمل بطاعته بل خالف أمره وكذب خبره وعبد معه غيره فقال " وما للظالمين من أنصار " أي يوم القيامة ينقذونهم من عذاب الله ونقمته.
وقوله " إن تبدوا الصدقات فنعما هي " أي إن أظهرتموها فنعم شئ هي.
وقوله " وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها لأنه أبعد عن الرياء إلا أن يترتب على الاظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة " والأصل أن الاسرار أفضل لهذه الآية. ولما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - قال " لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت: يا رب هل في خلقك شئ أشد من الجبال؟ قال نعم الحديد قالت: يا رب فهل من خلقك شئ أشد من الحديد قال: نعم النار قالت: يا رب فهل من خلقك شئ أشد من النار؟ قال: نعم الماء قالت: يا رب فهل من خلقك شئ أشد من الماء؟ قال: نعم الريح قالت: يا رب فهل من خلقك شئ أشد من الريح؟
قال: نعم ابن آدم يتصدق بيمنه فيخفيها من شماله " وقد ذكرنا في فضل آية الكرسي عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال " سر إلى فقير أو جهد من مقل ". ورواه أحمد ورواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن أبي ذر فذكره وزاد ثم شرع في هذه الآية " إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " الآية وفي الحديث المروي " صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا الحسين بن زياد المحاربي مؤدب محارب أنا موسى بن عمير عن عامر الشعبي في قوله " إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " قال: أنزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - " ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر " قال: خلفت لهم نصف مالي وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه حتى دفعه