حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " الربا سبعون جزءا أيسرها أن ينكح الرجل أمه " وقال الإمام أحمد: حدثنا هشيم عن عباد بن راشد عن سعيد بن أبي خيرة حدثنا الحسن منذ نحو من أربعين أو خمسين سنة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا " قال قيل له الناس كلهم؟ قال " من لم يأكله ناله من غباره " وكذا روى أبو داود والنسائي وابن ماجة من غير وجه عن سعيد بن أبي خيرة عن الحسن به ومن هذا القبيل تحريم الوسائل المفضية إلى المحرمات الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة قالت: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد فقرأهن فحرم التجارة في الخمر وقد أخرجه الجماعة سوى الترمذي من طرق عن الأعمش به وهكذا لفظ رواية البخاري عند تفسير هذه الآية فحرم التجارة وفي لفظ له عن عائشة قالت: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس ثم حرم التجارة في الخمر قال بعض من تكلم على هذا الحديث من الأئمة. لما حرم الربا ووسائله حرم الخمر وما يفضي إليه من تجارة ونحو ذلك كما قال عليه السلام في الحديث المتفق عليه " لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا أثمانها ". وقد تقدم في حديث علي وابن مسعود وغيرهما عند لعن المحلل في تفسيره قوله " حتى تنكح زوجا غيره " قوله - صلى الله عليه وسلم - " لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ". قالوا وما يشهد عليه ويكتب إلا إذا أظهر في صورة عقد شرعي ويكون داخله فاسدا فالاعتبار بمعناه لا بصورته لان الأعمال بالنيات وفي الصحيح " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ". وقد صنف الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية كتابا في إبطال التحليل تضمن النهي عن تعاطي الوسائل المفضية إلى كل باطل وقد كفى في ذلك وشفى فرحمه الله ورضي عنه.
يمحق الله الربوا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم (276) إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (277) يخبر الله تعالى أنه يمحق الربا أي يذهبه إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به بل يعدمه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة كما قال تعالى " قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث " وقال تعالى: " ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم " وقال " وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله " الآية وقال ابن جرير: في قوله " يمحق الله الربا " وهذا نظير الخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده فقال: حدثنا حجاج حدثنا شريك عن الركين بن الربيع عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل " وقد رواه ابن ماجة عن العباس بن جعفر عن عمرو بن عون عن يحيى بن زائدة عن إسرائيل عن الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قل " وهذا من باب المعاملة بنقيض المقصود كما قال الإمام أحمد حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا الهيثم بن نافع الظاهري حدثني أبو يحيى رجل من أهل مكة عن فروخ مولى عثمان أن عمر وهو يومئذ أمير المؤمنين خرج من المسجد فرأى طعاما منشورا فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: طعام جلب إلينا قال: بارك الله فيه وفيمن جلبه قيل يا أمير المؤمنين إنه قد احتكر قال: من احتكره؟ قالوا فروخ مولى عثمان وفلان مولى عمر فأرسل إليهما فقال: ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟ قالا: يا أمير المؤمنين نشتري بأموالنا ونبيع فقال عمر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالافلاس أو بجذام " فقال فروخ عند ذلك أعاهد الله وأعاهدك أن لا أعود في طعام أبدا وأما مولى عمر فقال إنما نشتري بأموالنا ونبيع قال أبو يحيى