في قلبه، كالذي ذكرنا عن ابن زيد آنفا من أن إبراهيم لما رأى الحوت الذي بعضه في البر وبعضه في البحر قد تعاوره دواب البر ودواب البحر وطير الهواء، ألقى الشيطان في نفسه فقال: متى يجمع الله هذا من بطون هؤلاء؟ فسأل إبراهيم حينئذ ربه أن يريه كيف يحيي الموتى ليعاين ذلك عيانا، فلا يقدر بعد ذلك الشيطان أن يلقي في قلبه مثل الذي ألقى فيه عند رؤيته ما رأى من ذلك، فقال له ربه: * (أولم تؤمن) * يقول: أولم تصدق يا إبراهيم بأني على ذلك قادر؟ قال: بلى يا رب، لكن سألتك أن تريني ذلك ليطمئن قلبي، فلا يقدر الشيطان أن يلقي في قلبي مثل الذي فعل عند رؤيتي هذا الحوت.
حدثني بذلك يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، عن ابن زيد.
ومعنى قوله: * (ليطمئن قلبي) * ليسكن ويهدأ باليقين الذي يستيقنه. وهذا التأويل الذي قلناه في ذلك هو تأويل الذين وجهوا معنى قوله: * (ليطمئن قلبي) * إلى أنه ليزداد إيمانا، أو إلى أنه ليوفق. ذكر من قال ذلك: ليوفق، أو ليزداد يقينا أو إيمانا:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن سعيد بن جبير: * (ليطمئن قلبي) * قال: ليوفق.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان. وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير: * (ليطمئن قلبي) * قال: ليزداد يقيني.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: * (ولكن ليطمئن قلبي) * يقول: ليزداد يقينا.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (ولكن ليطمئن قلبي) * قال: وأراد نبي الله إبراهيم ليزداد يقينا إلى يقينه.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: قال معمر وقال قتادة:
ليزداد يقينا.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (ولكن ليطمئن قلبي) * قال: أراد إبراهيم أن يزداد يقينا.