يتسنه) * يقول: لم يتغير * (وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما) * فنظر إلى حماره يتصل بعضه إلى بعض، وقد مات معه بالعروق والعصب، ثم كيف كسي ذلك منه اللحم، حتى استوى، ثم جرى فيه الروح، فقام ينهق، ونظر إلى عصيره وتينه، فإذا هو على هيئته حين وضعه لم يتغير. فلما عاين من قدرة الله ما عاين قال: أعلم أن الله على كل شئ قدير، ثم عمر الله إرميا بعد ذلك، فهو الذي يرى بفلوات الأرض والبلدان.
حدثني محمد بن عسكر وابن زنجويه، قالا: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول: أوحى الله إلى إرميا وهو بأرض مصر أن الحق بأرض إيليا، فإن هذه ليست لك بأرض مقام، فركب حماره، حتى إذا كان ببعض الطريق، ومعه سلة من عنب وتين، وكان معه سقاء جديد، فملأه ماء، فلما بدا له شخص بيت المقدس وما حوله من القرى والمساجد، ونظر إلى خراب لا يوصف، ورأى هدم بيت المقدس كالجبل العظيم، قال: * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) * وسار حتى تبوأ منها منزلا، فربط حماره بحبل جديد. وعلق سقاءه، وألقى الله عليه السبات، فلما نام نزع الله روحه مائة عام، فلما مرت من المائة سبعون عاما، أرسل الله ملكا إلى ملك من ملوك فارس عظيم يقال له يوسك، فقال: إن الله يأمرك أن تنفر بقومك فتعمر بيت المقدس وإيليا وأرضها، حتى تعود أعمر ما كانت، فقال الملك: أنظرني ثلاثة أيام حتى أتأهب لهذا العمل ولما يصلحه من أداء العمل، فأنظره ثلاثة أيام، فانتدب ثلاثمائة قهرمان، ودفع إلى كل قهرمان ألف عامل، وما يصلحه من أداة العمل، فسار إليها قهارمته، ومعهم ثلاثمائة ألف عامل، فلما وقعوا في العمل رد الله روح الحياة في عين إرميا، وأخر جسده ميتا، فنظر إلى إيليا وما حولها من القرى والمساجد والأنهار والحروث تعمل وتعمر وتجدد، حتى صارتا كما كانت. وبعد ثلاثين سنة تمام المائة، رد إليه الروح، فنظر إلى طعامه وشرابه لم يتسنه، ونظر إلى حماره واقفا كهيئته يوم ربطه لم يطعم ولم يشرب، ونظر إلى الرمة في عنق الحمار لم تتغير جديدة، وقد أتى على ذلك ريح مائة عام وبرد مائة