جئت عبد الله بن العباس، فقلت: يا أبا عباس، إني جئت ابن عمر فتلا هذه الآية: * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) *... الآية، ثم قال: لئن واخذنا بهذه الآية لنهلكن! ثم بكى حتى سالت دموعه. فقال ابن عباس: يغفر الله لعبد الله بن عمر لقد فرق أصحاب رسول الله (ص) منها كما فرق ابن عمر منها، فأنزل الله: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) * فنسخ الله الوسوسة، وأثبت القول والفعل.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن مرجانة يحدث: أنه بينا هو جالس سمع عبد الله بن عمر تلا هذه الآية: * (لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) *... الآية، فقال: والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن! ثم بكى ابن عمر حتى سمع نشيجه. فقال ابن مرجانة: فقمت حتى أتيت ابن عباس، فذكرت له ما تلا ابن عمر، وما فعل حين تلاها، فقال عبد الله بن عباس: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد الله بن عمر، فأنزل الله بعدها: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * إلى آخر السورة. قال ابن عباس: فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها، وصار الامر إلى أن قضى الله عز وجل: أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول والفعل.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: سمعت الزهري يقول في قوله: * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) * قال: قرأها ابن عمر، فبكى وقال: إنا لمؤاخذون بما نحدث به أنفسنا! فبكى حتى سمع نشيجه، فقام رجل من عنده، فأتى ابن عباس، فذكر ذلك له، فقال: رحم الله ابن عمر لقد وجد المسلمون نحوا مما وجد، حتى نزلت: * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: كنت عند ابن عمر فقال: * (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) *... الآية. فبكى! فدخلت على ابن عباس، فذكرت له ذلك، فضحك ابن عباس فقال: يرحم الله ابن عمر، أو ما يدري فيم أنزلت؟ إن هذه الآية حين أنزلت