إسرائيل! فقالوا: بل نقول: سمعنا وأطعنا! فأنزل الله لذلك من قول النبي (ص) وقول أصحابه: * (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) *. يقول: وصدق المؤمنون أيضا مع نبيهم بالله وملائكته وكتبه ورسله الآيتين. وقد ذكرنا قائلي ذلك قبل.
واختلف القراء في قراءة قوله: وكتبه، فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض قراء أهل العراق: * (وكتبه) * على وجه جمع الكتاب على معنى: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وجميع كتبه التي أنزلها على أنبيائه ورسوله. وقرأ ذلك جماعة من قراء أهل الكوفة:
وكتابه بمعنى: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته، وبالقرآن الذي أنزله على نبيه محمد (ص). وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك وكتابه، ويقول: الكتاب أكثر من الكتب. وكان ابن عباس يوجه تأويل ذلك إلى نحو قوله: * (والعصر إن الانسان لفي خسر) * بمعنى: جنس الناس وجنس الكتاب، كما يقال: ما أكثر درهم فلان وديناره، ويراد به جنس الدراهم والدنانير. وذلك وإن كان مذهبا من المذاهب معروفا، فإن الذي هو أعجب إلي من القراءة في ذلك أن يقرأ بلفظ الجمع، لان الذي قبله جمع، والذي بعده كذلك، أعني بذلك: وملائكته وكتبه ورسله، فإلحاق الكتب في الجمع لفظا به أعجب إلي من توحيده وإخراجه في اللفظ به بلفظ الواحد، ليكون لاحقا في اللفظ والمعنى بلفظ ما قبله وما بعده، وبمعناه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (لا نفرق بين أحد من رسله) * وأما قوله: * (لا نفرق بين أحد من رسله) * فإنه أخبر جل ثناؤه بذلك عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك. ففي الكلام في قراءة من قرأ: * (لا نفرق بين أحد من رسله) * بالنون متروك قد استغني بدلالة ما ذكر عنه، وذلك المتروك هو يقولون.
(وتأويل الكلام: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، يقولون: لا نفرق بين أحد من رسله. وترك ذكر يقولون لدلالة الكلام عليه، كما ترك ذكره في قوله:
* (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم) * بمعنى: يقولون سلام. وقد قرأ ذلك جماعة من المتقدمين: لا يفرق بين أحد من رسله بالياء، بمعنى: