القرآن تعني الإنكار والمخالفة والترك. فمرة يقصد بها إنكار الله ونبوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومرة يراد بها إنكار بعض الأحكام أو مخالفتها، ففي الآية (97) من سورة آل عمران فيما يرتبط بالحج نقرأ: ومن كفر فإن الله غني عن العالمين والآية (102) من سورة البقرة تصف السحرة والذين تلوثوا بالسحر بأنهم كفار: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، وفي الآية (22) من سورة إبراهيم نرى أن الشيطان يندد يوم القيامة بأولئك الذين أطاعوه واتبعوه ويقول لهم: انكم بعدم اطاعتكم أوامر الله قد جعلتموني شريكا له، وإني اليوم أكفر بعملكم ذاك: إني كفرت بما أشركتموني من قبل، وعليه، فلا عجب أن يطلق القرآن صفة الكفر على الذين يخالفون مسألة الولاية والخلافة.
3 6 - هل يمكن وجود وليين في وقت واحد؟
من الذرائع الأخرى التي تذرعوا بها للنكوص عن هذه الحديث المتواتر والآية المذكورة، هي أنه إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نصب عليا (عليه السلام) يوم الغدير للخلافة والولاية، فإن ذلك يعني وجود وليين وقائدين في وقت واحد.
إلا أن الالتفات إلى الظروف الزمانية الخاصة بنزول الآية وورود الحديث، وكذلك القرائن المستوحاة من خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تنفي هذه الذريعة أيضا، إننا نعلم أن هذا الحدث قد جرى في أواخر عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنه كان يبلغ الناس بآخر الأوامر لأنه قال " وإني أوشك أن أدعى فأجيب ".
إن من يقول هذا لا شك في أنه بصدد تعيين خليفته، وإنه يضع الخطط للمستقبل، لا للحاضر، كذلك من الواضح، إنه لا يقصد إعلان وجود قائدين أو وليين في وقت واحد.
ومما يلفت النظر أن بعض علماء أهل السنة الذين يطرحون هذا الاعتراض، يتقدم بعضهم برأي يناقض ذلك تماما، وهو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عين عليا (عليه السلام) في