وهذه الآية وردت بشأن فرقة أخرى هي " الملكانية " و " النسطورية " الذين يقولون بالأقانيم الثلاثة، أو الآلهة الثلاثة.
غير أن هذه النظرة عن المسيحية كما سبق أن قلنا - لا تطابق مع الواقع، لأن الاعتقاد بالتثليث عام بين المسيحيين كافة، كما أن التوحيد بيننا نحن المسلمين عقيدة عامة قطعية، ولكنهم في الوقت الذي يعتقدون حقا بتثليث الأرباب، يؤمنون أيضا بالوحدة الحقيقية، قائلين أن ثلاثة حقيقيين يؤلفون واحدا حقيقيا!
الظاهر أن الآيتين المذكورتين تشيران إلى جانبين مختلفين لهاتين القضيتين: في الأولى إشارة إلى وحدة الآلهة الثلاثة، وفي الثانية إشارة إلى تعددها، وتوالي المسألتين هو في الحقيقة إشارة إلى واحد من الأدلة الواضحة على بطلان عقيدتهم، فكيف يمكن لله أن يكون واحدا مع المسيح وروح القدس مرة، ومرة أخرى يكون ثلاثة أشياء؟ أمن المعقول أن يتساوى الثلاثة مع الواحد؟!
إن ما يؤيد هذه الحقيقة هو أننا لا نجد بين المسيحيين أية طائفة لا تؤمن بالآلهة الثلاثة! (1) ويرد القرآن عليهم ردا قاطعا فيقول: وما من إله إلا إله واحد وفي ذكر " من " قبل " إله " نفي أقوي لأي معبود آخر.
ثم ينذرهم بلهجة قاطعة: وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم.
يقول بعضهم أن " من " في " منهم " بيانية، ولكن الظاهر أنها تبعيضية تشير إلى الذين بقوا على كفرهم حتى بعد أن دعا القرآن إلى التوحيد، لا الذين تابوا ورجعوا.
يذكر صاحب " المنار " قصة في المجال تكشف عن غموض تثليث النصارى