لأحكام وردت في شريعة سابقة.
* * * ومجمل القول هو أن الآية الأخيرة تؤكد مرة أخرى هذا المبدأ الأساسي القائل بأن اتباع التعاليم السماوية التي جاء بها الأنبياء، ليس لإعمار الحياة الآخرة التي تأتي بعد الموت فحسب، بل أن لها - أيضا - انعكاسات واسعة على الحياة الدنيوية المادية للإنسان، فهي تقوي الجماعات وتعزز صفوفها وتكثف طاقاتها، وتغدق عليها النعيم وتضاعف امكانياتها وتضمن لها الحياة السعيدة المقترنة بالأمن والاستقرار.
ولو ألقينا نظرة على الثروات الطائلة والطاقات البشرية الهائلة التي تهدر اليوم في عالم الإنسان نتيجة للانحراف عن هذه التعاليم، وفي صنع وتكديس أسلحة فتاكة، وفي صراعات لا مبرر لها ومساع هدامة لرأينا أن ذلك كله دليل حي على هذه الحقيقة، حيث أن الثروات التي تستخدم لإشاعة الدمار في هذا العالم - إذا أمعنا النظر جيدا - إن لم تكن أكثر حجما من الثروات التي تنفق في سبيل البناء، فهي ليست بأقل منها.
إن العقول المفكرة التي تسعى وتعمل جاهدة - اليوم - لإكمال وتوسيع انتاج الأسلحة الحربية، ولتوسيع بقعة النزاعات الاستعمارية، إنما تشكل جزءا مهما من الطاقات البشرية الخلاقة التي طالما احتاجها المجتمع البشري لرفع احتياجاته، وكم سيصبح وجه الدنيا جميلا وجذابا لو كانت كل هذه الطاقات تستغل في سبيل الإعمار؟
وجدير بالانتباه - هنا أيضا - إلى أن عبارتي من فوقهم ومن تحت أرجلهم الواردتان في الآية الأخيرة، معناهما أن نعم السماء والأرض ستغمر هؤلاء المؤمنين، كما يحتمل أن تكونا كناية عن النعم بصورة عامة كما ورد في الآثار الأدبية العربية وغيرها قولهم: (إن فلانا غرق في النعمة من قمة رأسه حتى