فما هذه المسألة المهمة - يا ترى - التي برزت في الشهور الأخيرة من حياة رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بحيث تنزل هذه الآية وفيها كل ذلك التوكيد؟
ليس ثمة شك أن قلق رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن لخوف على شخصه وحياته، وإنما كان لما يحتمله من مخالفات المنافقين وقيامهم بوضع العراقيل في طريق المسلمين.
هل هناك مسألة تستطيع أن تحمل كل هذه الصفات غير مسألة استخلاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعيين مصير مستقبل الإسلام؟!
سوف نرجع إلى مختلف الروايات الواردة في الكثير من كتب السنة والشيعة بشأن هذه الآية، لكي نتبين إن كانت تنفعنا في إثبات الاحتمال الذي أوردناه آنفا، ثم نتناول بالبحث الاعتراضات والانتقادات التي أوردها بعض المفسرين من السنة حول هذا التفسير.
3 نزول آية التبليغ:
على الرغم من أن الأحكام المتسرعة، والتعصبات المذهبية قد حالت - مع الأسف - دون وضع الحقائق الخاصة بهذه الآية في متناول أيدي جميع المسلمين بغير تغطية أو تمويه، إلا أن هناك مختلف الكتب التي كتبها علماء من أهل السنة في التفسير والحديث والتأريخ، أوردوا فيها روايات كثيرة تقول جميعها بصراحة.
إن الآية المذكورة قد نزلت في علي (عليه السلام).
هذا الروايات ذكرها الكثيرون من الصحابة، منهم " زيد بن أرقم " و " أبو سعيد الخدري " و " ابن عباس " و " جابر بن عبد الله الأنصاري " و " أبو هريرة " و " البراء بن عازب " و " حذيفة " و " عامر بن ليلى بن ضمرة " و " ابن مسعود " وقالوا:
إنها نزلت في علي (عليه السلام) وبشأن يوم الغدير.
بعض هذه الأحاديث نقل بطريق واحد مثل رواية زيد بن أرقم.