جملة " نهيت " التي وردت بصيغة الماضي ومبنية للمجهول تشير إلى أن النهي عن عبادة الأصنام ليس أمرا جديدا، بل كان دائما قائما وسيبقى كذلك.
ثم بجملة قل لا أتبع أهواءكم يجيب بوضوح على إصرارهم العقيم، بالنظر لأن عبادة الأصنام لا تتفق مع المنطق ولا مع الأدلة العقلية، لأن العقل يدرك بسهولة أن الإنسان أشرف من الجماد، فكيف يمكن للإنسان أن يخضع لأي مخلوق آخر فضلا عن المخلوق الأدني؟ هذا مع أن هذه الأصنام هي من صنع الإنسان نفسه فكيف يتخذ الإنسان ما خلقه بنفسه معبودا يعبده ويلجأ إليه في كل مشاكله؟ وبناء على ذلك، فإن منشأ عبادة الأصنام ليس سوى التقليد الأعمى والاتباع المقيت للأهواء والشهوات.
وفي ختام الآية يؤكد القرآن مرة أخرى على أنه إذا فعل ذلك قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين.
الآية التالية تتضمن جوابا آخر، وهو: قل إني على بينة من ربي وكذبتم به.
" البينة " أصلا ما يفصل بين شيئين بحيث لا يكون بينهما تمازج أو اتصال، ثم أطلقت على الدليل والحجة الواضحة، لأنها تفصل بين الحق والباطل.
وفي المصطلح الفقهي تطلق " البينة " على الشاهدين العدلين، غير أن معنى الكلمة اللغوي واسع جدا، وشهادة العدل واحد من تلك المعاني، وكذلك كانت المعجزة بينة لأنها تفصل بين الحق والباطل، وإذا قيل للآيات والأحكام الإلهية بينات فلكونها من مصاديق الكلمة الواسعة.
وعليه، فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤمر في هذه الآية أن يقول: إن دليلي في قضية عبادة الله ومحاربة الأصنام واضح وبين، وان تكذيبكم وإنكاركم لا يقللان من صدق الدليل.
ثم يشير إلى حجة واهية أخرى من حججهم، وهي أنهم كانوا يقولون: إن