ولكننا نعلم أن المسيحيين المنحرفين لا يقنعون باعتبار عيسى (عليه السلام) مجرد مبعوث من الله، فاعتقادهم العام في الوقت الحاضر هو اعتباره ابن الله، وأنه هو الله بمعنى من المعاني وأنه جاء ليفتدي ذنوب البشر (ولم يأت لهدايتهم وقيادتهم) لذلك أطلقوا عليه اسم " الفادي " أي الذي افتدى بنفسه آثام البشر.
ولمزيد من التوكيد، يقول: وأمه صديقة أي أن من تكون له أم حملته في رحمها، ومن يكون محتاجا إلى كثير من الأمور، كيف يمكن أن يكون إلها؟!
ثم إذا كانت أمه صديقة فذلك لأنها هي أيضا على خط رسالة المسيح (عليه السلام)، منسجمة معه، وتدافع عن رسالته، لهذا فقد كان عبدا من عباد الله المقربين، فينبغي ألا يتخذ معبودا كما هو السائد بين المسيحيين الذين يخضعون أمام تمثاله إلى حد العبادة.
ومرة أخرى يشير القرآن إلى دليل آخر ينفي الربوبية عن المسيح (عليه السلام)، فيقول: كانا يأكلان الطعام.
فهذا الذي يحتاج إلى الطعام، ولو لم يتناول طعاما لعدة أيام يضعف عن الحركة، كيف يمكن أن يكون ربا أو يقرن بالرب؟!
وفي ختام الآية إشارة وضوح هذه الدلائل من جهة، وإلى عناد أولئك وجهلهم من جهة أخرى، فيقول: انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر كيف يؤفكون (1).
تكرر كلمة " انظر " في الآية توجيه للنظر إلى جهتين: إلى الدلائل الواضحة الكافية لكل شخص، وإلى رد الفعل السلبي المحير المثير للعجب الصادر من هؤلاء.
ولكي يكمل الاستدلال السابق تستنكر الآية التالية عبادتهم المسيح مع أنهم