لن يمضي زمن طويل حتى يكون عليهم أن يواجهوا جمعا قويا من المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام - بالتدريج - دينا لهم في أرض الحبشة حيث الأمن والأمان.
فشمروا عن ساعد الجد لإحباط تلك الفكرة، فاختاروا اثنين من فتيانهم الأذكياء المعروفين بالدهاء والمكر، وهما (عمرو بن العاص) و (عمارة بن الوليد) وحملوهما مختلف الهدايا والتحف إلى النجاشي ليوغروا صدره على المسلمين فيطردهم من بلاده، وعلى ظهر السفينة التي أقلت هذين إلى الحبشة سكرا وتخاصما إلا أنهما - لكي ينفذا المهمة التي جاءا من أجلها - نزلا إلى البر الحبشي، وحضرا مجلس النجاشي بكثير من الأبهة، وخاصة بعد أن اشتريا ضمائر حاشية النجاشي بالكثير من الهدايا والرشاوي، فوعدهم هؤلاء بالوقوف إلى جانبهما وتأييدها.
بدأ عمرو بن العاص كلامه للنجاشي قائلا: " أيها الملك، إن قوما خالفونا في ديننا وسبوا آلهتنا، وصاروا إليك فردهم إلينا ".
ثم قدما ما حملاه من هدايا إلى النجاشي.
فوعدهم النجاشي أن يبت بالأمر بعد استجواب ممثلي اللاجئين وبعد التشاور مع حاشيته.
وفي يوم آخر عقدت جلسة حافلة حضرتها حاشية النجاشي وجمع من العلماء المسيحيين، وممثل المسلمين جعفر بن أبي طالب، ومبعوثا قريش، وبعد أن استمع النجاشي إلى أقوال مبعوثي قريش، التفت إلى جعفر وطلب منه بيان ما لديه.
قال جعفر: يا أيها الملك سلهم، أنحن عبيد لهم؟
فقال عمرو: لا، بل أحرار كرام.
جعفر: سلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟
عمرو: لا، ما لنا عليكم ديون.