عند فقده في الكتاب الذي عليه ذمه والقدح فيه، والطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين، فلا تقبله ولا يصغى إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين، ويحكم الله آياته بان يحمى أوليائه من الضلال والعدوان، ومشايعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالانعام حيث قال: " بل هم أضل سبيلا ".
205 - في مجمع البيان وروى عن ابن عباس وغيره ان النبي صلى الله عليه وآله لما تلا سورة والنجم وبلغ إلى قوله: " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " القى الشيطان في تلاوته: وتلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجي، فسر بذلك المشركون فلما انتهى إلى السجدة سجد المسلمون وسجد المشركون لما سمعوا من ذكر آلهتهم ما أعجبهم، وهذا الخبر ان صح محمول على أنه كان يتكرر فلما بلغ إلى هذا الموضع ذكر أسماء آلهتهم، وقد علموا من عادته عليه السلام انه يعيبها، قال بعض الحاضرين من الكافرين: تلك الغرانيق العلى والقى ذلك في تلاوته، فوهم ان ذلك من القرآن، فأضافه سبحانه إلى الشيطان، لأنه انما حصل باغوائه ووسوسته، وهذا أورده المرتضى قدس الله روحه في كتابه التنزيه، وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية وهو وجه حسن في تأويله، وقيل: إن المراد بالغرانيق الملائكة وقد جاء ذلك في بعض الحديث، وقيل إنه كان عليه السلام إذا تلا القرآن على قريش توقف في فصول الآيات واتى بكلام على سبيل الحجاج لهم، فلما تلى الآيات قال تلك الغرانيق العلى على سبيل الانكار عليهم، وعلى ان الامر بخلاف ما قالوه وظنوه، وليس يمتنع أن يكون هذا في الصلاة، ولان الكلام في الصلاة حينئذ كان مباحا وانما نسخ من بعد.
206 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي " إلى قوله: " والله عليم حكيم " فان العامة رووا ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان في الصلاة، فقرأ سورة النجم في المسجد الحرام وقريش يسمعون لقرائته، فلما انتهى إلى هذه الآية: " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " اجرى إبليس على لسانه فإنها الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجي،