ونقل إليها عن بعض أصحاب النبي أن النبي قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، فرفضت هذا الحديث، وقرأت قول الله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى ".
وكان الصالحون من أصحاب النبي يتحرجون أشد التحرج من رواية الحديث عن النبي، وكان عمر رحمه الله يشتد على من أكثر الحديث عن النبي وربما ضربهم بدرته كما فعل عمر مع أبي هريرة وأنذره بالنفي عن المدينة إلى أرض قومه في اليمن إن عاد إلى الحديث.
ويروى أن النبي نفسه نهى عن كتابة أقواله وكره أن يكتب المسلمون عنه شيئا غير القرآن.
وهذا كله سجله المؤلف في كتابه ولكنه يبتكره من عند نفسه وإنما هو شئ كان المتقنون من علماء المسلمين يقولونه ويذيعونه في كتبهم كما فعل ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما. ولكن المحدثين نسوا هذا أو أعرضوا عنه فاختلطت على الناس أمور الحديث وكان فضل المؤلف في إظهارها في هذا العصر ليقرأها الذين يحبون أن يصلح دينهم ويعصم من التخليط الكثير.
ولكن المؤلف مع ذلك قد أسرف على نفسه في بعض المواطن، ولست أريد أن أذكر هذه المواطن كلها تجنبا للاسراف في الإطالة وإنما اكتفى بضرب الأمثال.
فمنها مثلا هذه المؤامرة التي دبر فيها مقتل عمر بن الخطاب رحمه الله وشارك فيها كعب الأحبار وهو يهودي أسلم أيام عمر. والرواة يحدثوننا بأن كعبا هذا أنبأ عمر بأنه مقتول في ثلاث ليال. فلما سأله عمر عن ذلك زعم أنه يجده في التوراة، فدهش عمر لأن اسمه يذكر في التوراة، ولكن كعبا أنبأه بأنه لا يجد اسمه في التوراة وإنما يجد صفته. ثم غدا عليه في اليوم الثاني لهذا الحديث. فقال له:
بقي يومان. ثم غدا عليه في اليوم الثالث فقال له مضى يومان وبقي يوم: وإنك مقتول من غد. فلما كان الغد في صلاة الصبح أقبل ذلك العبد الأعجمي فطعنه وهو يسوي الصفوف للصلاة، والمؤلف يؤكد أن عمر إنما قتل نتيجة لمؤامرة دبرها الهرمزان وشارك فيها كعب ويؤكد أن هذه المؤامرة ثابتة لا يشك فيها إلا الجهلاء.
وأريد أن أؤكد أنا للمؤلف أني أنا أحد هؤلاء الجهلاء لأني أشك في هذه المؤامرة أشد الشك وأقواه ولا أراها إلا وهما. فقد قتل ذلك العبد المشؤوم نفسه قبل