وكذلك أباحوا لأنفسهم أن يأخذوا الحديث إذا أصابه اللحن أو اعتراه الخطأ أو اختل نظمه بالتقديم والتأخير، وأن يأخذوا ببعض الحديث ويدعوا بعضا.
وسيتبين ذلك كله في مواضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.
حديث من كذب علي:
وقد عنيت بالبحث عن حقيقة هذا الحديث حتى وصلت بعد طول السعي إلى أن كلمة " متعمدا " لم تأت في روايات كبار الصحابة. ويبدو أن هذه الكلمة قد تسللت إلى هذا الحديث من سبيل " الادراج " المعروف عند رجال الحديث لكي يتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم من جهة الخطأ أو الوهم، أو الغلط أو سوء الفهم، ليدرأوا بذلك عن أنفسهم إثم الكذب، ولا يكون عليهم في الرواية أي حرج، ذلك بأن المخطئ غير مأثوم - أو أن هذه الكلمة قد وضعت ليسوغ بها الذين " يضعون الأحاديث " عن غير عمد عملهم، ليسندوا بها أقوالهم، وليثق الناس فيهم (1).
الموضوعات:
لم يرزأ الإسلام بشئ في حياته كلها مثل ما رزئ بتلك الموضوعات التي تولى كبرها أعداء الإسلام وأحباؤه على السواء لأسباب كثيرة بيناها في موضعها، وناهيك بالإسرائيليات التي بثها اليهود، أمثال كعب الأحبار، ووهب بن منبه وغيرهما. وكذلك المسيحيات وغيرها مما تسلل إلى الدين من الأديان والنحل غير الإسلامية وقبلها المسلمون من غير أن يبحثوا فيها، أو يفطنوا لها.
أبو هريرة:
ولما كان أبو هريرة أكثر الصحابة رواية عن رسول الله على حين أنه لم يصاحب النبي إلا سنة واحدة وتسعة أشهر، كما حققناه في كتابنا (شيخ المضيرة) (2)،