الإهداء أي ولدي العزيز مصطفى (1) كانت سعادتي في وجودك، وحياتي تستضئ بنورك، فلما أفل بدرك، وغاب عن عيني شخصك، أطبقت على الدنيا بأحزانها وبأسائها، وأصبحت غريبا فيها وإن كنت من أبنائها.
فإليك يا ولدي العزيز أهدي هذا الكتاب الذي ما قصدت بتأليفه إلا وجه الحق الذي فطرك الله عليه، وكنت دائما تؤثره وتسكن إليه، وخدمة العلم الذي أخلصت له نفسك، وأفنيت فيه عمرك، وجاهدت حق الجهاد في تحصيله، وقضيت نحبك في سبيله.
وإني والله يا بني لعلي ما عهدت من حب عميق لك لم يظفر بمثله أحد غيرك، ومكانك من قلبي لا تدنو منه نفس سواك.
لئن غبت عن عيني وشط بك النوى * فأنت بقلبي حاضر وقريب خيالك في وهمي، وذكرك في فمي * ومثواك في قلبي فأين تغيب؟
أما الأسى لك، والحزن عليك، فلا ينال منهما مرور الأيام، ولا يخففهما تطاول الأعوام، إذ لا صبر عليك ولا سلوان عنك.
كيف أرجو شفاء ما بي، وما بي * دون سكناي في ثراك شفاء شطر نفسي دفنت، والشطر باق * يتمنى! ومن مناه الفناء القاهرة - الجيزة محمود أبو ريه