أحرى منها الطوال ومنها القصار كتبت في تفسير نصوص الحديث وفي رجال الأسانيد وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الطبقات. وهو قد أثبت أسماء الكتب التي قرأها والتي أطال النظر فيها أو رجع إليها في كتابه في آخر الكتاب، ويكفي أن تنظر إلى هذه الأسماء لتعرف مقدار ما أخذ المؤلف نفسه من الصبر والأناة والتعمق لما قرأ.
فهذا وحده يدل على جهد عنيف وعبء ثقيل لا ينهض بهما في هذه الأيام إلا الأقلون جدا كما قلت آنفا.
وهذه هي المزية الأولى التي تسجل لمؤلف هذا الكتاب، وقد قرأته مرتين، وأشهد أنه قد ذكر في أثناء كتابه كل الكتب التي أثبتها أو أشار إليها. وإذا كانت لهذا دلالة فهو يدل على أنه لم يبالغ ولم يتكثر حين أثبت هذه الكتب في مراجعه وإنما انتفع بها جميعا أدق الانتفاع وأقواه.
وموضوع الكتاب خطير حقا وقيم حقا لا يقف الناس عنده في هذه الأيام وإنما يشفقون منه أشد الإشفاق يخافون أن تزل أقلامهم أو أن يثيروا سخط المحافظين الذين قرروا أن هذا النحو من العلم قد أصبح شيئا مقدسا أو كالمقدس لا ينبغي التعرض له إلا بالنقل والاستشهاد. فأما النقد والتعمق وإصدار الأحكام فأشياء لا يستقيم الخوض فيها لأحد.
فقد أضاف المؤلف إذن إلى مزية الصبر والأناة وأخذ النفس بالعنف في سبيل البحث والاستقراء مزية أخرى وهي الشجاعة على البحث عن الحق والجهر به متى اطمأن إليه عقله لا يخاف في ذلك لوما ولا اعتراضا. وإنما هو مستعد للجدال عن آرائه والنضال عما استقر في نفسه أنه الحق.
* * * الموضوع إذن خطير قيم وهو نقد ما وصل إلينا من الحديث الذي يحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم وتمييز الصحيح من غيره ليطمئن المسلمون إلى ما يروى لهم عن رسول الله. وقد ألح المؤلف في تبيين أشياء تحمل على النبي وليست من كلامه في شئ وإنما دست عليه لأغراض مختلفة بعضها دسه جماعة من اليهود أظهروا الإسلام والورع واخترعوا أشياء من عند أنفسهم أضافوا بعضها إلى النبي