سبالهم ويوسعون سربالهم، ويطأطئون رؤوسهم ويخفتون من أصواتهم، ويغدون ويروحون إلى المساجد بأشباحهم، وهم أبعد الناس عنها بأرواحهم، يحركون بالذكر شفاههم ويلحقون بها في الحركة سبحهم.. ولكنهم كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب جعلوا الدين من أقفال البصيرة ومغاليق العقل، فهم أغرار مرحومون يسيئون ويحسبون أنهم يحسنون.. فهؤلاء قد يخيل لهم الظلم عدلا، والغدر فضلا، فيرون أن نسبة ما يظنون - إلى أصحاب النبي مما يزيد في فضلهم، ويعلى في النفوس منزلتهم فيصح فيهم ما قيل. عدو عاقل خير من محب جاهل (1) ا ه ببعض اختصار.
ولما عرض رحمه الله لعلم الحديث في اللائحة التي وضعها لإصلاح التعليم، وما يجب اتباعه قال: " فن الحديث على شرط أن يؤخذ مفسرا للقرآن مبينا له، مع اطراح ما يخالف نصه، من الأحاديث الضعيفة، والاجتهاد لإرجاع الأحاديث الصحيحة إليه إن كان ظاهرها يوهم المخالفة (2).
وقال في خطاب لأحد إخوانه ينصحه فيه بمداومة قراءة القرآن والسيرة النبوية قال: " داوم قراءة القرآن وتفهم أوامره ونواهيه ومواعظه وعبره، كما كان يتلى على المؤمنين والكافرين أيام الوحي، وحاذر النظر إلى وجوه التفاسير إلا لفهم لفظ مفرد غاب عنك مراد العرب منه، أو ارتباط مفرد بآخر خفي عليك متصله، ثم اذهب إلى ما يشخصك القرآن إليه، واحمل بنفسك على ما يحمل عليه، وضم إلى ذلك مطالعة السيرة النبوية، واقفا عند الصحيح المعقول، حاجزا عينيك عن الضعيف والمبذول (3).
وقال طيب الله ثراه، في تفسير القرآن: وفهم الدين: لا يتبع إلا الدليل القاطع لأن هذا من باب العقائد، وهو مبني على اليقين الذي لا يمكن الأخذ فيه بالظن والوهم (4).