أضواء على السنة المحمدية - محمود أبو رية - الصفحة ٣٨٢
نقلت من فوائد أبي عمرو أحمد بن محمد النيسابوري عن أبي تراب محمد بن الفرج قال: سمعت خالد بن عبد الله الكوفي يقول: كان في سكة أبي بكر بن عياش كلب إذا رأى صاحب محبرة " أي من الذين يكتبون الحديث " حمل عليه، فأطعمه أصحاب الحديث شيئا فقتلوه! فخرج أبو بكر، فلما رآه ميتا قال: إنا لله ذهب الذي كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر! وقال نعيم بن حماد: كان أبو بكر بن عياش يبزق في أصحاب الحديث.
وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (1):
وإنا لا نخلي أكثر أهل الحديث من العذل (2) في كتبنا في تركهم الاشتغال بعلم ما قد كتبوا، والتفقه بما جمعوا، وتهافتهم على طلب الحديث من عشرة أوجه وعشرين وجها! وقد كان في الوجه الواحد الصحيح والوجهين مقنع لمن أراد الله عز وجل بعلمه حتى تنقضي أعمارهم ولم يحلوا من ذلك إلا بأسفار (3)، اتبعت الطالب ولم تنفع الوارث! فمن كان من هذه الطبقة فهو عندنا مضيع لحظه، مقبل على ما كان غيره أنفع له منه.
وقد لقبوهم بالحشوية والنابتة (4) والمجبرة وربما قالوا: الجبرية، وسموهم الغثاء (5) والغثر (6) وهذه كلها أنباز (7).
وقال الوزير اليماني في الروض الباسم: إنما سموا بالحشوية لأنهم يحشون الأحاديث

(١) ص ٩٦.
(2) العذل اللوم.
(3) أسفار أي كتب، جمع سفر.
(4) في أساس البلاغة للزمخشري وهذا قول النابتة والنوابت وهم الحشوية.
(5) الغثاء بالضم والمد في الأصل، ما يجيئ فوق السبل مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره أطلقوه عليهم على المجاز.
(6) الغثر بضم فسكون جمع أغثر أصله سفلة الناس وأرذالهم.
(7) أي ألقاب جمع نبز.
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست