وقال الجمهور: إن أخبار الآحاد لا تفيد العلم قطعا ولو كانت مخرجة في البخاري ومسلم، وإن تلقي الأمة لهما بالقبول إنما يفيد العمل بما فيهما بناء على أن الأمة مأمورة، بالأخذ بكل خبر يغلب على الظن صدقه (1)، ولا يفيد أن ما فيهما ثابت في نفس الأمر قطعا. كالقاضي فإنه مأمور بالحكم بشهادة من كان عدلا في الظاهر، وكونه مأمورا بذلك لا يدل على أن شهادة العدل لا بد أن تكون مطابقة للواقع وثابتة في نفس الأمر، لاحتمال أن يكون قد شهد بخلاف الواقع، إما لوهم وقع له إذا كان عدلا في نفس الأمر، أو لكذب لم يخرج منه إذا كان عدلا فيما يبدو للناس - هذا ما قاله الجمهور.
وقال كثير من العلماء في أخبار الآحاد، إنه يعمل بها ولا يشهد أن النبي قالها.
وأطلق ابن عبد البر وجماعته: إنه قول جمهور أهل العلم والنظر حتى قال بعضهم: ولو مع قرينة أي أنه لا يفيد العلم ولو مع قرينة.
وقال الرازي في تفسيره: ورواية الواحد إنما تفيد الظن.
وقال في كتاب معالم أصول الدين (2)، بعد أن عدد العناصر الذاتية التي تشتمل عليها البراهين النقلية المبنية على الروايات: " وإذا ثبت هذا ظهر أن الدلائل النقلية ظنية، وأن العقلية قطعية والظن لا يعارض القطع ".
المتواتر ليس من مباحث علم الإسناد:
قال ابن الصلاح: إن المتواتر لا يبحث عنه في علم الأثر.
وقال الجزائري في توجيه النظر: ما قاله ابن الصلاح من أن المتواتر لا يبحث عنه في علم الأثر مما لا يمترى فيه.
وقال بعض العلماء: ليس المتواتر من مذهب علم الإسناد، إذ هو (3) علم