المذكورة: وليس من شرطه أن يكون مقطوعا به في نفس الأمر، إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد، وليس من الأخبار التي أجمعت الأمة على تلقيها بالقبول.
وكذلك إذا قالوا في حديث إنه غير صحيح، فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس الأمر، إذ قد يكون صدقا في نفس الأمر، وإنما المراد أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور. وقال في فتاويه: قالت الأئمة: في الحديث، حديث إسناده صحيح ومتنه غير صحيح، وإسناده غير صحيح ومتنه صحيح، أو إسناده مجهول ومتنه مجهول، أو إسناده صحيح ومتنه صحيح، أو إسناده ضعيف ومتنه ضعيف (1).
وقال الزين العراقي في ألفيته (2) المتوفى سنة 806 ه:
وحيث قال أهل الحديث: هذا الحديث صحيح، فمرادهم فيما ظهر لنا عملا بظاهر الإسناد، لا أنه مقطوع بصحته في نفس الأمر، لجواز الخطأ والنسيان على الثقة (3)، هذا هو الصحيح الذي عليه أكثر أهل العلم خلافا لمن قال إن خبر الواحد يوجب العلم الظاهر.. وكذا قولهم هذا حديث ضعيف فمرادهم، لم تظهر لنا فيه شروط الصحة لا أنه كذب في نفس الأمر، لجواز صدق الكذاب وإصابته من كثير الخطأ ا ه، وقال: لا يلزم من كون الشئ له أصل صحيح أن يكون هو صحيحا، وذكر السمعاني في القواطع: أن الصحيح لا يعرف برواية الثقات فقط، وإنما يعرف بالفهم والمعرفة وكثرة السماع والمذاكرة.
وقالوا: إن صحة الحديث لا توجب القطع به في نفس الأمر لجواز الخطأ والنسيان على الثقة، وعزاه النووي في التقريب للأكثرين والمحققين وأنهم قالوا: إنه يفيد الظن ما لم يتواتر، وقال في شرح مسلم: لأن ذلك شأن الآحاد، ولا فرق في