كحديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم وحديث سجود الشمس تحت العرش ما يلي:
إن أمثال هذه المشكلات في الروايات لا يهتدي إلى تحقيق الحق فيها، إلا الذي يعطي لعقله حرية الاستقلال فيما قاله أصناف العلماء، وقال: إن علماء الأصول الاعتقادية والفقهية أعلم من المحدثين بنقد المتون وما يوافق المعقول وأصول العقائد منها وما لا يوافقها.
وقد اتفق الفريقان على أنه: ليس كل ما صح سنده من الأحاديث المرفوعة يصح متنه، لجواز أن يكون في بعض الرواة من أخطأ في الرواية عمدا أو سهوا، وما كل ما لم يصح سنده يكون متنه باطلا، بل قالوا: إن الموضوع من حيث الرواية قد يكون صحيحا في الواقع، وإن الصحيح السند قد يكون موضوعا في الواقع - وإنما علينا أن نأخذ بالظواهر مع مراعاة القواعد، فما صح سنده قبلنا روايته وحكمنا قواعد الاعتقاد ودلائل العقل في متنه إن كان مشكلا، وما كان غير صحيح السند لا يجوز لنا أن نسميه حديثا نبويا وإن كان معناه صحيحا (1).
ونضيف إلى ما قاله السيد رشيد أن مما اتفقوا عليه كذلك: أن صحة الإسناد أو حسنه لا تقتضي صحة الحديث أو حسنه. وقال الحاكم (2): كم من حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت وهو معلول واه، فالصحيح لا يعرف برواته فقط وإنما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السماع.
وإن الدارقطني وغيره من أئمة النقد، لم يتعرضوا لاستيفاء النقد فيما يتعلق بالمتن كما تعرضوا لذلك في الإسناد - وذلك لأن النقد المتعلق بالإسناد دقيق غامض لا يدركه إلا أفراد من أئمة الحديث المعروفين بمعرفة علله، بخلاف النقد المتعلق (بالمتن) فإنه يدركه كثير من العلماء الأعلام المشتغلين بالعلوم الشرعية، والباحثين