أما " طلاق " و" الطلاق " فلأنه مصدر، وهي لا توصف بالمصدر إلا إذا تجوز به عن الصفة. وأما البواقي فلظهورها في الخبر، وإنما يطلق في إنشاء الطلاق مجازا، ولعل الفرق بينها (1) وبين " طالق " بالنص والإجماع واستصحاب قيد النكاح والاحتياط، والحصر في النصوص في " طالق " (2) وإلا فالكل مشتركة في الكون حقيقة في الإخبار، مجازا في الإنشاء.
ويمكن أن يكون السر في ذلك أن " المطلقة " بمعنى الموقع عليها الطلاق، وظاهره تقدم الطلاق على اللفظ (3) بخلاف " طالق " فإنه لازم " وطلقتك " ظاهره إيقاع الطلاق عليها في الزمان الماضي، لا الحال المناسب لإنشاء الطلاق.
وحكى في المبسوط عن العامة: أن من الصريح سرحتك وأنت مسرحة، وفارقتك وأنت مفارقة، وطلقتك وأنت طالقة أو مطلقة. وقال: وعندنا أن قوله:
" أنت مطلقة " إخبار عما مضى فقط، فإن نوى به الإيقاع في الحال فالأقوى أن نقول: إنه يقع به. ثم قال: إذا قال: طلقتك نظرت فإن قال: " نويت بها الطلاق " وقع عندنا به الطلاق، وعندهم يكون ذكر النية تأكيدا، فإن قال: " نويت بها الطلاق " كان صريحا (4) انتهى.
ويعضده ما يدل على وقوع الطلاق بقوله: " نعم " في جواب " طلقتها " كما تعرفه الآن، فإنه أولى بالصحة، و" مطلقة " أولى بها من " طلقت " لكونها حقيقة في الحال دون الماضي، ولعله الوجه في تخصيصهما بإيقاع الطلاق بهما.
(ولو قيل) له: (طلقت فلانة) سؤالا أو خبرا (فقال: نعم قيل) في ظاهر النهاية (5) والوسيلة (6) وغيرهما: (يقع) لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام): في الرجل يقال له: طلقت امرأتك، فيقول: نعم، قال: قد طلقها