والشيخ حكم بالاعتداد في البلد إن لم تفارق البنيان مطلقا، وقال: إن فارقت البنيان ففيه مسألتان: إحداهما: أن يكون أذن لها في الحج أو الزيارة أو النزهة ولم يأذن في إقامة مدة مقدرة. والثانية: أذن لها في ذلك. ففي الأولى لا يلزمها العود، فإنه ربما كان الطريق مخوفا وتنقطع عن الرفقة، فإن أرادت العود كان لها ذلك، وإن نفذت في وجهها، فإن كان أذن لها في الحج فإذا قضت حجها لم يجز لها أن تقيم بعد قضائه، وإن كان أذن لها في النزهة أو الزيارة، فلها أن تقيم ثلاثة أيام، فإذا مضت الثلاث أو قضت حجها، فإن لم تجد رفقة تعود معهم وخافت في الطريق فلها أن تقيم، لأنه عذر، وإلا فإن علمت من حالها أنها إذا عادت إلى البلد أمكنها أن تقضي ما بقي من عدتها لزمها ذلك، وإلا فقال بعضهم: لا يلزمها العود بل لها الإقامة في موضعها. وقال آخرون: يلزمها العود، لأنها مأمورة بالعود غير مأمورة بالإقامة، وهو الأقوى. وفي الثانية: إن طلقت وهي بين البلدين فكما لو طلقت بين المنزلين. وإن طلقت وهي في البلد الثاني فلها الإقامة ثلاثة أيام (1).
وهل لها الإقامة المدة المضروبة؟ قولان، فإن لم تكن لها فالحكم كما في المسألة الأولى.
وعند الشافعية: إن لم تفارق البنيان فوجهان: تخيرها بين العود والمضي كما ذكره المصنف وتحتم العود، لأنها لم تشرع في السفر، فهي كما لو لم تخرج من المنزل (2). ووجه ثالث قريب: إن كان سفرا لحج تخيرت، وإلا وجب العود، وإن فارقت تخيرت. ولهم وجه ضعيف: أنها إن لم تقطع مسافة يوم وليلة لزمها الانصراف (3).
وعن أبي حنيفة: إن لم يكن بينها وبين المسكن مسيرة ثلاثة أيام لزمها الانصراف، وإن كان الموضع موضع إقامة أقامت واعتدت فيه، وإلا مضت في سفرها (4).