حتى رجعنا إلى المدينة قلت كم أقمتم بمكة قال أقمنا بها عشرا انتهى أخرجه الأئمة الستة ولا يقال يحتمل أنهم عزموا على السفر في اليوم الثاني أو الثالث واستمر بهم ذلك إلى عشر لان الحديث إنما هو في حجة الوداع فتعين أنهم نووا الإقامة أكثر من أربعة أيام لأجل قضاء النسك نعم كان يستقيم هذا لو كان الحديث في قضية الفتح والحاصل أنهما حديثان أحدهما حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة رواه البخاري وكان في الفتح صرح بذلك في بعض طرقه أقام بمكة عام الفتح والآخر حديث أنس المذكور وكان في حجة الوداع قال المنذري في حواشيه حديث أنس يخبر عن مدة مقامه عليه السلام بمكة شرفها الله تعالى في حجة الوداع فإنه دخل مكة صبح رابعة من ذي الحجة وهو يوم الأحد وبات بالمحصب ليلة الأربعاء وفي تلك الليلة أعمرت عائشة من التنعيم ثم طاف عليه السلام طواف الوداع سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء وخرج صبيحته وهو الرابع عشر وأما حديث بن عباس وغيره فهو إخبار عن مدة مقامه عليه السلام بمكة زمن الفتح انتهى كلامه وفي رواية لأبي داود والبيهقي عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة سبع عشرة يقصر الصلاة قال النووي في الخلاصة وإسنادها على شرط البخاري وفي رواية لهما مرسلة ضعيفة خمسة عشر وفي رواية لهما عن عمران بن حصين ثمانية عشر وهي أيضا ضعيفة قال البيهقي يمكن الجمع بأن من روى تسعة عشر عد يومي الدخول والخروج ومن روى سبعة عشر تركهما ومن روى ثمانية عشر عد أحدهما انتهى قوله روى أن بن عمر أقام بآذربيجان ستة أشهر وكان يقصر وعن
(٢٢١)