مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٣١
ولا وجه للتعويل عليه نعم إذا ثبت أنه كان مشهورا بين قدماء الأصحاب بحيث كان مخالفه شاذا نادرا فلا يبعد حينئذ جعله من مرجحات الدليل ومؤيدات المدلول باعتبار الرواية التي نقلنا آنفا وباعتبار أن الظن يذهب غالبا إلى أن في مثل هذه المواضع وقوع الخطأ من القليل أكثر منه من الكثير وأما جعله حجة برأسها وأخذه دليلا بانفراده فلا وإذ قد تمهدت هذه المقدمات فنقول إن ما نحن فيه ظاهر أنه ليست من الاجماعات القطعية التي لا كلام فيها كمسح الرجلين ولا من القسم الاخر الذي أيضا ذكرنا إن الظاهر حجيته إذ لم يدع جمع من الأصحاب الاجماع في نجاسة الخمر بحيث لم يظهر خلافه إذ ليس دعوى الاجماع في كلام القدماء سوى الشيخ فإنه قال به في المبسوط والاستبصار والسيد المرتضى أيضا على ما نقله العلامة منه ليس في كلامه دعوى الاجماع بل قال أنه مخالف شاذ نادر ومع ذلك ظهر الخلاف من الصدوق (ره) والحسن والجعفي بحيث لا كلام فيه على أنه يظهر من بعض الروايات التي نقلنا في نجاسة الخمر أنه كان بين قدمائنا من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أيضا خلاف في هذه المسألة كصحيحة علي بن مهزيار ورواية خيران وعلى هذا يكون ما نحن فيه من قبيل القسم الأخير الذي لا تعويل عليه بانفراده بل لا يبعد أن يمنع كون نجاستها مشهورة أيضا بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) بل الشهرة بين المتأخرين منهم وبالجملة مثل هذا الاجماع والشهرة لا يصلح حجة على حدة بل إن كان ولا بد فللتأييد فينبغي حينئذ النظر في الدلايل الاخر ومعارضاتها حتى يظهر أن القوة لا يهما هذا وأما الحجة الثانية أي الآية الكريمة فقد مر الكلام فيها مفصلا وأما الروايات فما يتعلق منها بالبئر ففيه أنه قد تقدم في بحث البئر إن روايات النزح معارضة بما يدل على خلافها ولا يبعد حملها على الاستحباب بل هو ظاهر وعلى تقدير حملها على الاستحباب لا يبقى دلالتها على نجاسة الخمر إذ استحباب النزح لعله لأجل الاستقذار الذي فيه لكن لا بحيث يكون واصلا إلى حد النجاسة التي بالمعنى المراد ها هنا أو لأجل امتزاج ماء البئر بالاجزاء الخمرية التي لا يكاد يسلم شارب ماء البئر من شربها بل على تقدير حمل أمر النزح على الوجوب أيضا لا يبعد أن يقال لعله للتعبد أو للاستقذار المذكور لا للنجاسة لكن فيهما بعد أو لأجل الامتزاج المذكور وليس ببعيد وأما صحيحة علي بن مهزيار ففيه إن صيغة خذ لا ظهور لها في الوجوب في عرف أئمتنا (عليهم السلام) نعم إذا وردت في روايات متعددة صيغة الامر ولم يوجد ما يدل على الاستحباب في روايات أخرى بل ولم يظهر أيضا قول من الأصحاب بالاستحباب فحينئذ لا يبعد أن يقال بظهورها في الوجوب كما ذكرنا سابقا وفيما نحن فيه ليس كذلك إذ يوجد الروايات الدالة على الاستحباب وكذا القول بخلاف الوجوب من الأصحاب ويمكن أيضا أن يقال أنه لا ظهور للرواية في أن المراد بقول أبي عبد الله (عليه السلام) هو قوله الذي انفرد به (عليه السلام) إذ لعله يكون قوله الذي مع قول أبي جعفر (عليه السلام) ويكون التعبير بهذه العبارة المشتبهة للتقية إذ سيجئ أنه يمكن أن يكون التقية في القول بالنجاسة وأما صحيحه محمد بن مسلم ففيها إن النهي لا يدل على الحرمة كما ذكرنا في الامر وأيضا يجوز أن يكون النهي عن الاكل في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر باعتبار أنها قل ما ينفك عن الاجزاء الخمرية التي ربما لا يسلم الطعام الموضوع فيها عن مخالطتها والامتزاج بها وأما صحيحة ابن سنان ففيها أيضا إن النهي عن الصلاة لا ظهور له في الحرمة على ما مر من أن صحيحتها الأخرى المنقولة قرينة على حمل النهي الوارد في هذه الصحيحة على الاستحباب ومع الحمل على الاستحباب لا يبقى الدلالة على النجاسة إذ الاستحباب يكفيه القذارة الغير الواصلة إلى حد النجاسة كما مر وأما صحيحتها الأخرى الدالة بظاهرها أنه قرر الإمام (عليه السلام) السايل بأن الخمر ينجس الثوب ففيها أن كونه من باب التقرير الذي يكون حجة منظور فيه إذ لا يجوز أن يكون قوله (عليه السلام) على تقدير التنزل والاستظهار ولا نسلم أنه حينئذ يكون من باب الاغراء بالقبيح القبيح أو من باب تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو ظاهر وأما صحيحة الحلبي ففيها أن كون الخمر بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير لا يدل على نجاستها إذ يجوز أن يكون بمنزلتهما في الحرمة وحرمة الاستعمال إذ المنزلة لا عموم لها في جميع الأوصاف مع أنه يمكن أن يكون الحكم عليها بأنها بمنزلتهما من باب المجاز والمبالغة وهو وإن كان في خلاف الظاهر لكن لا يبعد المصير إليه بعد حصول المعارض وأما موثقة عمار والأولى ففيها بعد القدح في السند حمل النهى على الكراهة مع أن النهي الأخير الذي فيها محمول على الكراهة عند القائلين بالنجاسة فينبغي حمل هذا النهي أيضا عليها رعاية للمقارنة وأما موثقة الأخرى ففيها أيضا القدح وحملها على استحباب الغسل مع أن القائلين بالنجاسة الظاهر أنهم لا يقولون بوجوب غسل الإناء الذي يشرب فيه الخمر ثلث مرات فلا بد من حمله على الاستحباب وبعد ذلك الحمل لا يبقى الدلالة على النجاسة بحالها كما عملت وأما رواية خيران فمع ضعف سندها يحمل النهى الواقع فيها على التنزيه وحكمه على الخمر بأنها رجس لا يدل على النجاسة كما علمت في الآية والمعنى المناسب للرجس في هذه الرواية هو القذر على تقدير حمل النهي على الاستحباب كما لا يخفى وأما الضميمة التي لهذه الرواية في الكافي فجوابها علم مما قلنا في الصحيحة الأولى لابن سنان مع ما فيها من ضعف السند والاشتباه فيه وأما مرسلة يونس ففيها مع الارسال حمل الامر على الاستحباب وكذا رواية عمر بن حنظلة فيها مع القدح في السند حمل الامر الوارد فيها بالاهراق على الاستحباب على أنك قد عرفت في مبحث الماء القليل أنه لا يبعد القول بعدم نجاسته بالملاقاة فمن هذه الجهة أيضا لا بد من حمل هذا الامر على الاستحباب وأيضا يجوز أن يكون الامر بالاهراق للحرمة باعتبار أنه لا يكاد يسلم شارب ماء الحب الذي وقع فيه الخمر عن شرب ما مازجه من أجزائها وأما رواية أبي بصير ففيها أيضا بعد القدح في السند أن لفظة ينجس الواقعة فيها لا يظهر أن يكون بمعنى النجاسة التي في عرفنا المرادة ها هنا مع أن باب المجاز مفتوح وبعد حصول التعارض لا حجر في ارتكابه وأما رواية هارون ففيها أيضا ضعف السند وإن الحكم على الخمر بالجنابة وأنها بمنزلة الميتة لا يدل على النجاسة على قياس ما مر مرارا وأما
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336