رواية أبي جميلة فيعلم حالها بمقايسها إلى ما ذكر أيضا وأما صحيحة محمد بن مسلم ففيها إن النهي عن الدبا والمزفت من ظروف الخمر لا يدل على النجاسة إذ لعله يكون للتنزيه وأيضا يجوز أن يكون باعتبار الحرمة تجنبا عن أن يخالط ما يقع فيه بالاجزاء الخمرية الباقية فيهما وهو ظاهر مع أنه نفي البأس في ذيل هذه الرواية عن الجراد الخضر والرصاص ودلالة هذا على الطهارة أصرح من دلالة سابقة على النجاسة كما لا يخفى وأما رواية أبي ربيع ففيها أيضا مثل ما في سابقه سوى ما قلنا في ذيل مع ضعف السند وأما رواية زكريا فمع ضعف سندها يمكن حملها على استحباب الاهراق وإن الحكم بالفساد للتنزه مع أنه يجوز أن يكون الاهراق والفساد لأجل حرمتها لا لنجاستها على قياس ما مر غير مرة وأما رواية إسماعيل بن مراد ففيها أيضا القدح في السند مع أن فيها لفظة الكراهة والكراهة ليست ظاهرة في الحرمة إن لم يكن ظاهرة في خلافها وعلى تقدير كونها بمعنى الحرمة أيضا يجوز أن يكون حرمة الاكل في آنية أهل الكتاب باعتبار ما خالطه من الاجزاء الخمرية المحرمة لا النجسة واقترانها بالميتة أيضا لا يدل على حرمتها لجواز أن يكون الاقتران باعتبار اشتراكهما في رجحان التنزه عنهما أعم من أن يكون باعتبار الوجوب أو الندب أو باعتبار اشتراكهما في الحرمة هذا ما يتعلق بحجج النجاسة وأما حجج القول بالطهارة فالحجة الأولى منها أي التمسك بالأصل فيه أنه لا عبرة بالأصل بعد وقوع المخرج عنه من الروايات و غيرها لكن قد عرفت حال الجميع وسيظهر أيضا حقيقة الحال بوجه أتم وأما الثانية أي الاستصحاب ففيه أنه لا نسلم أنه من الاستصحاب الذي يكون حجة وقد فصلنا القول سابقا في الاستصحاب بعض التفصيل فراجعه وأما الروايات فأما صحيحة ابن رباب فيقال أنها يحمل على التقية جمعا بين الأدلة وأورد عليه أنه لا تقية فيه إذ أكثر علماء العامة أيضا على نجاسة الخمر وأجيب بأن التقية لعلها من السلاطين إذ سلاطين ذلك الوقت يزاولون الخمر ولا يجتنبون عنها فلعل الحكم بالنجاسة يكون شاقا عليهم وشناعة لهم وإزراء بهم وقس عليها الحال في صحيحة ابن أبي سارة أيضا وأما صحيحة ابن جابر ففيها ما تقدم أن الحكم بالتنزه لعله باعتبار أن آنيتهم مظنة وقوع الخمر لا أنه مع اليقين بإصابة الخمر وعدم غسلها أيضا يكون النهي على سبيل التنزه بقرينة ضمها مع لحم الخنزير وأما صحيحة علي بن جعفر ففيها محامل كثيرة إذ يجوز أن يحمل على أن صب الخمر كان قبل وقوع المطر وبعد وقوع المطر قد طهر المكان فلا بأس بأن يصيب الثوب ماء المطر حينئذ وأن يحمل على أن صب الخمر في الماء كان في أثناء التقاطر وكذا إصابة ماء المطر للثوب أيضا كان في أثنائه وأن يحمل على أن ماء المطر لعله كان كرا وأن يحمل على أن القليل لا ينجس بملاقاة النجاسة ومع وجود هذه المحامل وإن كان بعضها بعيدا لا يبقى الظن بطهارة الخمر وأما صحيحة معاوية فجوابها ظاهر إذ بمجرد أن المجوس يشربون الخمر لا ينجس الثياب التي يعملونها وإن كانت الخمر نجسة لجواز أن لا يصيبها الخمر وأن لا يباشروها برطوبة وأما موثقة ابن بكير فيحمل أيضا على التقية مع أن سندها لا يخلو عن مناقشة ويحتمل أيضا أن يكون نفي البأس عن لبس الثوب والتمتع به أي لا يحرم لبسه لا أنه طاهر وأما رواية ابن أبي سارة ففيها مع ضعف السند الحمل على التقية والاحتمال المذكور في سابقها وأما رواية حسين بن موسى ففيها أيضا ضعف السند والحمل على التقية والاحتمال السابق مع أنه يجوز أن يكون المراد أن بصاق شارب الخمر أصاب الثوب من دون أن يكون مخالطا للخمر وهذا ليس بنجس لكن فيه بعد إذ الظاهر أن ضمير يمجه فيصيب ثوبي راجع إلى الخمر وإن كان مذكرا بتأويل وعلى هذا لا يستقيم ذلك الاحتمال وأما رواية عبد الحميد فالاحتمال المذكور ظاهر فيها مع ضعف السند واحتمال التقية والمعنى الاخر وأما رواية زكريا بن إبراهيم ففيها القدح في السند واحتمال التقية وأيضا يجوز على بعد أن يكون الامر بالاكل والشرب معهم باعتبار أنه ليس بمعلوم مباشرتهم للخمر وإن كانوا ممن يشربونها فإن قلت فعلى هذا ينبغي أن لا ينهى عن الاكل معهم باعتبار أكل لحم الخنزير أيضا سواء بسواء قلت لعل النهي عنه تنزها باعتبار غلظة نجاسة لحم الخنزير بالنسبة إلى الخمر وأما رواية حفص ففيها أيضا القدح في السند والتقية واحتمال أن يكون المراد أنه يجعل فيه الخل بعد الغسل تعويلا على ما ظهر من نجاسة الخمر من خارج لا يقال على تقدير معلومية نجاستها من خارج أي حاجة إلى السؤال الذي في هذه الرواية لان السؤال لعله باعتبار مظنة أنه بعد الغسل أيضا لا يصلح لان يجعل فيه الخل أما باعتبار نجاسة الاجزاء القليلة التي كادت أن يبقى في الدن بعد الغسل كما نشاهد من بقاء الاجزاء في الفرج والمسامات الضيقة بعد الغسل أو باعتبار حرمتها وعلى أي حال الاخفاء في الحاجة إلى السؤال وأما رواية علي الواسطي ففيها أيضا القدح في السند والتقية واحتمال أن يكون نفي البأس باعتبار عدم حرمة هذا الفعل ولا ينافي أن يجب غسل الرأس بعد ذلك الفعل وأما مرسلة زرارة ففيها مع الارسال احتمال التقية وأما ما رواه قرب الإسناد فمع ضعف سنده يحتمل التقية ويحتمل أيضا أن يكون المراد بنفي البأس عن الصلاة في ذلك المكان نفي البأس عنها مع عدم السجود عليها وعدم ملاقاته بالرطوبة لا يقال حينئذ لا حاجة إلى السؤال لأنه ممنوع إذ يجوز أن يتوهم أنه لا يصلح الصلاة في مكان إصابة الخمر وإن لم يلاق برطوبة كما ورد أنه لا يصلي في بيت فيه خمر لكن لا يخفى أن هذا الاحتمال لا يخلو عن بعد إذ ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال فيه دلالة ما على العموم مع أن الظاهر أن الشايع في ذلك العصر أنهم كانوا يصلون على الأرض ويسجدون عليها من دون أن يبسطوا ثوبا عليها ويضعوا أشياء للسجدة نحو تربة الحسين (عليه السلام) ونحوها وعلى هذا فالفرد المتعارف لما كان أن يسجد على المكان فدلالة الرواية على طهارة الخمر ظاهرة هذا ما يتعلق بحجج الطهارة وإذ قد أطلعت
(٣٣٢)