الأول من كتاب الصلاة باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والاستبصار في باب الرجل يصلي في ثوب فيه نجاسة قبل ان يعلم في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته قال إن كان لم يعلم فلا يعيد والدلالة باعتبار مفهوم الشرط وهذا الخبر في الكافي أيضا في باب الرجل يصلي في ثوب وهو غير طاهر بتغير في السند وما رواه الكافي في باب البئر عن علي بن أبي حمزة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن العذرة تقع في البئر قال ينزح منها عشرة دلاء وما رواه الكافي أيضا في باب الرجل يطأ على العذرة في الحسن عن محمد بن مسلم قال كنت مع أبي جعفر عليه السلام إذا مر على عذرة يابسة فوطي عليها فأصابت ثوبه فقلت جعلت فداك قد وطئت على عذرة فأصابت ثوبك فقال أليس هي يابسة فقلت بلى فقال لا باس ان الأرض يطهر بعضها بعضا وقد يستشكل في هذا الخبر من حيث إن قوله عليه السلام ان الأرض إلى آخره لا ينتظم مع سابقه وأيضا في معنى قوله تطهير الأرض بعضها بعضا وقد تعرض صاحب منتقى الجمان لدفع الاشكال و بيان معنى التطهير ولا بأس ان نورده بعبارته قال قلت لا يخفى ان الأرض الخ لا ينتظم مع نفي البأس إذ لا دخل للأرض في الحكم المسؤول عنه فهو كلام مستقل افاده الإمام عليه السلام لمحمد بن مسلم ولعله كان مفصولا عن الأول نطقا أو بواو الاستيناف فسقطت من سهو الناسخين ووجه المناسبة في ايراده مع الكلام الأول واضح وهو البينة على أن العذرة لو كانت رطبة لكان الامر بالنسبة إلى الوطي عليها سهلا أيضا لان الأثر الحاصل منها في النعل أو القدم يطهر بالأرض و كان معنى تطهير بعضها بعضا ان النجاسة الحاصلة في أسفل القدم وما هو بمعناه من الوطي على الموضع النجس وعلوق شئ منه بأحدها كما هو الغالب يزول بالوطي على موضع آخر منها بحيث يذهب تلك الأجزاء التي علقت بالمحل فسمى إزالة الأثر الحاصل منها في المحل تطهيرا لها توسعا كما يقال الماء يطهر البول مثلا وعلى هذا يختص الحكم المستفاد من هذه العبارة بالنجاسة الحاصلة من الأرض المنجسة ولا ضير فيه إذ حكم غيرها يؤخذ من محل آخر انتهى كلامه أقول لا يبعد ان يوجه بوجه آخر لا يحتاج إلى أن يجعل الكلام مفصولا وهو انه لما قال محمد ان العذرة كانت يابسة قال عليه السلام لا باس اذن لان العذرة لما كانت يابسة فالثوب الثوب الذي أصابها يطهر بإصابته الأرض كما هو الغالب في تلك البلاد من تطويل الثياب وأيضا اصابته العذرة التي على الأرض يشعر بإصابته الأرض أيضا ويكون التطهير التطهير التنزيهي كما ذكروا ان عند مصافحة الكافر ونحوها إذا لم يكن رطوبة يضرب اليد مثلا بالحايط أو التراب وهذا شايع ويكون المراد من تطهير الأرض بعضها بعضا ان ما نجس من بعض الأرض وان كان باعتبار ما فيه من العذرة ونحوها يطهر من بعضها الآخر الذي ليس فيه قذر وظاهر ان هذا الحمل ليس ببعيد وحينئذ ينتظم الكلام ولعله أقرب مما ذكر في المنتقى لان حمل الكلام على الفصل بعيد وأيضا وجه المناسبة في ايراده مع الكلام الأول الذي ذكره وحكم عليه بالوضوح خفي جدا لان الكلام في الأول كان في الثوب فلو كان في الكلام الثاني تنبيه على أن العذرة لو كانت رطبة لكان الامر بالنسبة إلى الثوب أيضا سهلا لكان شيئا وأما ان الامر بالنسبة إلى الوطي عليها سهل فلا ويرد عليه أيضا ان ما ذكره من معنى تطهير الأرض بعضها بعضا وجعله الحكم مختصا في هذا الخبر بالنجاسة الحاصلة من الأرض النجسة يستر وجه المناسبة الذي بينه إذ حينئذ لا يظهر من الكلام الثاني ان العذرة لو كانت رطبة لكان الامر بالنسبة إلى الوطي عليها سهلا وهو ظاهر وما رواه الكافي أيضا متصلا بما نقلنا في الموثق عن محمد الحلبي قال نزلنا في مكان بيننا وبين المسجد زقاق قذر فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال أين نزلتم فقلت نزلنا في دار فلان فقال إن بينكم وبين المسجد زقاقا قذرا أو قلنا له ان بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا فقال لا بأس الأرض يطهر بعضها بعضا قلت فالسرقين الرطب أطأ عليه فقال لا يضرك مثله بناء الدلالة على أن مثله إشارة إلى الحكم السابق اي هذا أيضا لا يضر مثل ما ذكرنا من أن الأرض يطهر بعضها بعضا أو يكون الضمير راجعا إلى الزقاق القذر ولا يخفى انه على هذا لابد من جعل التطهير بالمعنى الذي ذكرنا إذ حمله على ما في المنتقى لا يستقيم لكن يمكن ان يحمل الخبر على المعنى الآخر بأن يكون ضمير مثله راجعا إلى السرقين الرطب ويكون محمولا على السرقين الطاهر وحينئذ ينتفي الدلالة ولا يخل أيضا بمعنى التطهير الذي في المنتقى ولا يبعد ان يرجح الحمل الأول بعدم الاحتياج إلى التقييد بالطاهر الا ان يقال الشايع في السرقين اطلاقه على سرقين ما يؤكل لحمه من الدواب والبغال ونحوهما وما رواه الكافي أيضا متصلا بما نقل عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يطأ في العذرة أو البول أيعيد الوضوء قال لا ولكن يغسل ما اصابه ولا يخفى ان بناء دلالة أكثر هذه الأخبار على المراد باعتبار كونه لفظة العذرة شاملة لعذرة غير الانسان أيضا وسنتكلم عليه انشاء الله تعالى هذا فإن قلت نجاسة البول والغايط مما لا يؤكل لحمه هل يختص بماله نفس سائلة ولا قلت الظاهر الاختصاص إذ لم ينقل خلاف في طهارتهما مما ليس له نفس سائلة لاحد من علمائنا على ما رأينا والعلامة في التذكرة نسب الخلاف إلى الشافعي وفي المنتهى إلى الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف ولم ينسبه إلى أحد من علمائنا فالظاهر أنه اتفاقي واحتج عليه في المنتهى بأصل الطهارة وبأن التحرز عنه متعذر أو حرج فيكون منفيا وفي التذكرة بأن دم ما لا نفس له وميتة طاهر فرجيعه أيضا كذلك ولا يخفى ان الاستدلال الأخير قياس لا تعويل عليه والاستدلال الأول انما يتم إذا لم يكن الأدلة الدالة على نجاسة البول والغايط شاملة لما لا نفس له سائلة أيضا إذ بعد شمولها له أيضا لا وجه للتمسك بالأصل ولعله لا يبعد منع الشمول والقول بأن الظاهر أن البول والعذرة الواقعين في الروايات ظاهرهما الافراد
(٢٩٤)