مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
فاغسله أو اغسل البول مثلا عن الثوب أو اليدين أو مثل إن الشئ الفلاني إذا كان طاهرا فلا بأس بالصلاة فيه الدال بمفهومه على أنه إذا لم يكن طاهرا فيتحقق البأس فيه وهكذا في مثل هذه العبارات يتطرق وجهان على ما مر غير مرة أحدهما أن يقال أنه إذا ورد في أنه إذا وقع قذر في الاناء فلا يتوضأ منه فالامتثال إنما يحصل بأن يحصل اليقين أو الظن بأن عند وقوع القذر في الاناء لم يتوضأ والاخر أنه لا يلزم ذلك بل الامتثال يحصل بأن يحصل اليقين أو الظن بأن لا يتوضأ من الاناء عند حصول اليقين أو الظن بوقوع القذر فيه وقس عليه الحال في العبارات الأخرى ولعل الظاهر هو الثاني ولو سلم عدم الظهور فلا أقل من التساوي والأصل مع الثاني فيرجع إليه وكون التكليف اليقيني لا بد فيه من البراءة اليقينية غير مسلم مطلقا بل إن كان ففي بعض الصور ليس ها هنا موضع تفصيله وما نحن فيه ليس منه فينبغي بناء الكلام على الاحتمال الثاني والتكلم فيه فنقول إن قلنا إن المتبادر الشايع في التكليفات بمثل هذه العبارات إنه عند اليقين بوقوع القذر لا بد من اليقين أو الظن بعدم التوضي فالامر ظاهر إذ اليقين فيما نحن فيه مفقود وإن قلنا أنه يكتفي بالظن أيضا فنقول بعد الاغماض عن إن ما نراه من الشيوع والتبادر إنما هو في تكاليف العباد بعضهم بعضا فلعل تكاليفه سبحانه للعباد ليس كذلك لما نرى من نهيه عز وجل من اتباع الظن وذمه عليه أنا لو خلينا وهذه الأوامر المذكورة لحكمنا بمثل ما حكم به أبو الصلاح لكن ها هنا أمور أخرى يوجب العدول عنه الأول ما ورد في الاخبار من أن الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر وإن كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر وما لم تعلم أنه قذر وما لم تعلم فليس عليك وما ورد أنه لا يبالي أبول أم ماء فإذا لم يعلم وإنه إذا كنت على يقين من طهارتك أي طهارة ثوبك وبدنك ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا وإن الفراء والكيمخت لا بأس به ما لم تعلم أنه ميتة وإن الخفاف التي تباع في السوق يشترى ويصلى فيها حتى يعلم أنه ميت بعينه وإن الثوب إذا أعير ذمي يعلم إنه يأكل الخمر ولحم الخنزير يصلي فيه ولا يغسل من ذلك لأنه أعير وهو طاهر ولم يستيقن إنه نجسة فلا بأس أن يصلي فيه حتى يستيقن أنه نجسة وإن طين المطر لا حاجة إلى غسله إلى ثلاثة أيام مع أن المظنون ملاقاة النجاسة له ومن أنه لا حاجة إلى غسل الرجل بعد الخروج من الحمام مع أن الظاهر فيه أيضا ملاقاة النجاسة ومن أن الوضوء من فضل وضوء المسلمين أحب مع الظن المذكور أيضا إلى غير ذلك من النظاير التي يطول الكلام بذكرها الثاني لزوم الحرج والمشقة المنتفيين في الدين لزوما ظاهرا الثالث إن الأدوار والأعصار متشابهة فالظاهر أن عصر النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (عليهم السلام) أيضا مثل عصرنا في كون أسواقه وبيوته مما يظن بملاقاة النجاسة لأكثر أهلها وآلاتها وأسبابها أوانيها وظروفها بل لعل الامر في عصرهم (عليهم السلام) أشد لقرب الاسلام واختلاط أهله بالكفار وعدم رسوخ القوانين الاسلامية في طبعهم وقلة الماء وكون مدارهم على الابار والمياه القليلة مع أنه لم ينقل عنهم (عليهم السلام) الاجتناب عن السوق وأهله والصبيان والخدام ونحوهم الرابع عمل جل الأصحاب ومعظمهم وبما قررنا ظهر حال ما إذا وجد في الأوامر الشرعية أمر مطلق بالطهارة بالماء الطاهر أو الصلاة في الثوب الطاهر ونحوهما لجريان هذا الجواب فيه أيضا ولا يخفى أن بعد ما ذكرنا من الوجوه لا يبقى سيرا اعتداد بقول أبى الصلاح ولعل الصلاح من حيث الاحتياط أيضا ليس في رعايته إذ في بعض الأمور التي مما نحن فيه مثل فضل وضوء المسلمين فقد ورد النص باستحباب استعماله وترك التنزه عنه فلا وجه للاحتياط فيه وفي البعض الاخر فأما أن يراعى الاحتياط فيه جميعا فلا شك أنه يؤدي إلى الحرج والمشقة ويمنع عن تحصيل كثير من الكمالات العلمية والعملية وكذا من اكتساب المعيشة الدنيوية والالتذاذ بطيباتها التي خلقها الله تعالى لعباده ومن عليهم بها وإن روعي في بعض دون بعض فمع أنه ترجيح بلا مرجح لا يظهر فايدة فيه إذ بعد ملاقاة البدن والثياب بكثير مما حصل فيه ظن النجاسة أي فايدة في الاجتناب عنه لان رجحان التخفيف والقلة في ملاقاة مثل ذلك مما لا شاهد له يعول عليه نعم لورد في خصوص شئ من هذه الأشياء خبر يدل على استحباب التنزه عنه فحينئذ يجتنب عنه عملا بهذا الخبر فأما فيما سواه فلا مثل ما ورد في الثوب الذي عمله أهل الكتاب إن غسله أحب هذا وأما حجة القول بقبول قول شاهدين عدلين فهي إن شهادتهما معتبرة في نظر الشارع قطعا ولهذا لو كان الماء مبيعا فادعى المشتري فيه العيب لكونه نجسا وشهد له عدلان ثبت له جواز الرد وهو مبني على ثبوت العيب وهذا وإن كان يمكن المناقشة فيه بأن اعتبار شهادتهما في نظر الشارع مطلقا بحيث يشمل ما نحن فيه ممنوع وقبول شهادتهما في الصورة المفروضة لا يدل على أزيد من ترتب جواز الرد وأخذ الأرش عليه وأما أن يكون حكمه حكم النجس في ساير الأحكام فلا بد له من دليل لكن الأولى الاخذ به رعاية للاحتياط مع معاضدته بعمل جمع كثير من الأصحاب إذ هو القول بالمشهور بين المتأخرين وإن كانت الشهرة بينهم ليست بمنزلة الشهرة بين القدماء إذ الشهرة بينهم مظنة وصول نص إليهم أو اطلاع منهم على حال المعصوم وخواصه رضي الله عنهم بخلاف الشهرة بين المتأخرين فإن فيها ليس ذلك المعنى لكن مع ذلك لا يخلو عن تأييد للمطلب ولا أقل من جهة حصول الاعتماد بالرأي لما رأى من موافقته لآرائهم مع كونهم علماء محققين مدققين طالبين للصواب محترزين عن الخطأ ولو فرض المخالفة فحينئذ يضعف الاعتماد على الرأي ولا يبقى قوته فافهم ثم إن التقييد الذي نقلنا عن بعض من تبيين السبب المقتضي للنجاسة فكأنه لا بأس به ووجهه ظاهر ولا يخفى إن رعاية هذا القول أي قبول قول شاهدين عدلين للاحتياط أمره واضح في بعض الصور كما إذا وجد ماء غيره وأما إذا لم
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336