للفساد ممنوع وقد مر سابقا غير مرة ثم هنا دقيقة هي أنه أما يكون ماء غيرهما موجودا أولا فعلى الأول الامر كما ذكرنا وأما على الثاني فلا إذا الظاهر حينئذ إن الغرض ليس هو الطهارة المائية بل التيمم لأنه بمنزلة عدم الماء شرعا فلو تطهر بهما يلزم أن لا يكون مجزيا لأنه ليس مأمورا به (ويمزج المطلق بالمضاف غير السالب وجوبا عند عدم ماء مطلق ويتخير بينهما عند وجودهما) أي إذا كان لاحد من الماء المطلق ما لا يكفيه لطهارته لكن عنده من المضاف ما يمكن أن يمزج به ولم يسلبه الاطلاق ويكفي للطهارة فحينئذ إن لم يكن ماء مطلق غيرهما يجب معيننا مزج المضاف بالمطلق والتطهر به وإن وجد ماء آخر فيتخير بين أن يمزج المضاف بالمطلق ويتطهر به وبين أن يتطهر من المطلق الصرف والضميران الظاهران راجعان إلى الممتزج المستفاد من المزج والماء المطلق الثاني وأراد به ماء مطلقا مقيدا بكفايته للطهارة بقرينة المقام كما أن الأول مقيد بعدمها هذا الحكم مما لا خفاء فيه بناء على أن الامر بالطهارة الترابية عند عدم وجدان الماء والامر بالطهارة المائية يمكن امتثاله في الفرض المذكور بأن يمزج المضاف بالمطلق ويتطهر ولا يصدق حينئذ أنه غير واجد للماء في العرف فلا يكون فرضه التيمم والشيخ في المبسوط خالف هذا الحكم وقال وإذا كان معه مثلا رطلان من ماء واحتاج في طهارته إلى ثلاثة أرطال ومعه ماء ورد مقدار رطل فإن طرحه فيه لا يغلب عليه ولا يسلبه إطلاق اسم الماء ينبغي أن يجوز استعماله وإن سلبه إطلاق اسم الماء لم يجز استعماله في رفع الاحداث إلا أن هذا وإن كان جايزا فإنه لا يجب عليه بل يكون فرضه التيمم لأنه ليس معه من الماء ما يكفيه لطهارته انتهى ثم أنه يفهم من بعض كلماتهم أنه حمل كلام الشيخ (ره) على أنه لا يجب المزج ولو مزج لا يجب التطهر به بل يتخير بعد المزج أيضا بين الطهارة به وبين التيمم معللا بأن الاشتباه في الحس لا يستلزم اتحاد الحقيقة والوجوب تابع لاتحاد الحقيقة فلا يجب الطهارة به وأما جوازها فلصدق الاسم ومن بعضها إن مراده إن المزج غير واجب لكن لو مزج فلا شك في وجوب الطهارة به بعد المزج معللا بأن الطهارة المائية مشروطة بوجود الماء وقبل المزج لا يوجد الماء ولا يخفى أن كلام الشيخ (ره) المذكور لا يأبى عن الحملين وكيفما كان مما لا يظهر له وجه صحة أما الأول فظاهر جدا إذ بعد تسليم صدق الاسم لا مجال لمنع الوجوب إذ الاحكام تابعة للأسماء فلو كان هذا الممتزج يصدق عليه في العرف أنه ماء فلا شك إنه واجد للماء وعند وجدان الماء يلزم التطهر به ضرورة وكون حقيقة غير الماء في الواقع لا يقدح في المقصود إذ المناط في الأحكام الشرعية العرف لا الواقع مع أنه عند صيرورة المضاف مستهلكا في المطلق لعله يصير ماء في الواقع أيضا بأن ينقلب صورته النوعية إلى الصورة المائية لكن الاحتمال لا يكفي في المقام إلا أن يتمسك بأنه لا شك أن الماء المفروض بعد المزج متصل واحد وقد ثبت في الحكمة إن الامر المتصل الواحد لا ينقسم إلى الاجزاء المختلفة بالحقيقة لكن كلتا المقدمتين ممنوعتان وأيضا لا يخلو أما أن يلزم في الطهارة المائية وجود الماء الواقعي والعرفي وعلى الأول يجب أن لا يجوز التطهر به فكيف نجوزه وعلى الثاني يجب أن يتطهر به وبالجملة أي مستند له في أن الماء العرفي الذي ليس بماء حقيقة يجوز التطهر به وعدمه وهو ظاهر لا يقال لو كفى كون الشئ ماء في الحس في وجوب الطهارة للزم أن يكون المضاف المسلوب الأوصاف أيضا يجب التطهر به لأنه ماء في الحس لأنا لا نقول إن عدم الامتياز في الحس موجب للطهارة بل المراد إن عند اطلاق الماء على شئ في العرف بعد الاطلاع على حقيقة الحال إنه ما كان وما مزج به يجب التطهر به وفيما نحن فيه إن فرض إن الماء المفروض يصدق عليه في العرف بعد الاطلاق على حقيقة الامر إنه ماء مطلق فحينئذ نقول بوجوب التطهر به وهو كذلك وإن لم يكن كذلك بل إطلاق الماء عليه بمجرد اشتباه الحس لكن بعد الاطلاع على الحال لا يبقى الصدق بحاله فلا نقول فيه بوجوب التطهر وإنه خارج عن محل النزاع على أنه على هذا أيضا تجويز الطهارة لا وجه له كما لا يخفى وأما الثاني لأن عدم وجدان الماء قبل المزج ممنوع لصدق الوجدان عليه في العرف كيف وهو ليس بأبعد من الوجدان مما إذا أمكن حفر بئر مثلا والظاهر أنه لا نزاع في أنه إذا أمكن حفر البئر مثلا ليحصل الماء لوجب فلم لم يحكم بالوجوب هنا والتفرقة خلاف ما يحكم به الوجدان قال العلامة في المختلف مشير إلى هذا القول للشيخ وهذا القول عندي ضعيف لاستلزامه التنافي بين الحكمين فإن جواز الاستعمال يستلزم وجوب المزج لان الاستعمال إنما يجوز بالمطلق فإن كان هذا الاسم صادقا عليه بعد المزج وجب المزج لأن الطهارة بالمطلق واجبة مع التمكن ولا يتم إلا بالمزج وما يتم الواجب إلا به فهو واجب وإن كذب الاطلاق عليه لم يجز استعماله في الطهارة ويكون خلاف الفرض فظهر التنافي بين الحكمين والحق عندي وجوب المزج إن بقي الاطلاق والمنع من الاستعمال إن لم يبق انتهى كلامه والظاهر أن العلامة (ره) حمل كلام الشيخ على الوجه الثاني وجعل الخلاف في وجوب المزج والتيمم ولعله الأولى إذ الوجه الأول في غاية البعد وما ذكره من أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ليس مما لا بد منه في المقام إذ ظاهر إن المقصود ها هنا مجرد أنه لا بد من المزج بحيث لو لم يمزج لكان يلزم منه ترك واجب واستحقاق عقاب أولا سواء كان واجبا أو لا كما في ساير مقدمات الواجبات المطلقة إذ لا شك إن من لم يقل بوجوب مقدمة الواجب المطلق أيضا يقول أنه لا بد من الاتيان بها ولو لم يؤت بها يلزم استحقاق العقاب وإن لم يكن على تركها بل على ترك ذي المقدمة بخلاف مقدمة الواجب المشروط فإنه على تقدير تركها لا عقاب أصلا وظاهر إن المقصود في هذا المقام ليس سوى أنه عند ترك المزج هل يستحق للعقاب أم لا ولا غرض في أنه واجب بالمعنى المتنازع فيه في الأصول أم لا بل هو مسألة برأسها لا اختصاص لها بهذه المقدمة وموضعها في الأصول ولعل مراده بالوجوب الأبدية فلا استدراك ثم قد أورد فخر المحققين (ره) على والده أن الطهارة واجب مشروط بوجوب الماء
(٢٦٦)