متخالفة أو متماثلة في القدر أو الاسم وذهب جماعة من المتأخرين منهم المحقق الثاني والشهيد الثاني (ره) إلى عدم التداخل مطلقا كما هو رأي هذا الكتاب وساير كتب المصنف (ره) وحكم المحقق (ره) في المعتبر بعدم التداخل إذا كانت الأجناس مختلفة كالطير والانسان وإن تماثلت في القدر كالكلب والسنور وتردد فيما إذا كانت متساوية كإنسانين والظاهر قول العلامة رحمه الله لصدق الامتثال بالنزح لأكثر الامرين مع التخالف والمقدر لهذا النوع مع التماثل إذ لا ظهور في الروايات على وجوب كون النزح لنوع غير النزح لاخر وهو ظاهر وقد يستدل على صوره التماثل بوجه آخر وهو تناول الاسم للقليل والكثير وقد يعترض بأن ظاهر الأدلة في الأكثر تعلق الحكم بالفرد من الجنس واحتج المانعون مطلقا بأن الأصل في الأسباب أن يعمل عملها ولا يتداخل مسبباتهما وفيه ضعف ظاهر وقد مر في بحث تداخل الأغسال ما يتعلق بذلك فتدبره والمحقق (ره) كان متمسكه في الحكم بالعدم في صوره التخالف ما ذكرنا آنفا وقد عرفت ما فيه وأما التردد في صورة التماثل فوجهه بأن النجاسة من الجنس الواحد لا تتزايد إذ النجاسة الكلبية والبولية موجودة في كل جزء فلا يتحقق زيادة يوجب زيادة النزح فيتداخل وإن كثرة الواقع يؤثر الكثرة في مقدار النجاسة فيؤثر شياعا في الماء زايدا ولهذا اختلف النزح بتعاظم الواقع وموته وإن كان طاهرا في الحياة فلا يتداخل ولا يخفى إن الثاني من الوجهين أرجح من الأول لكن التعويل في التداخل على ما ذكرنا وما ذكره (ره) من قوله ولهذا اختلف الحكم لم نقف له على معنى محصل فتدبر ثم إن المانعين للتداخل استثنوا من الحكم ما إذا حصل بالتكثر في المماثل انتقال إلى حال لها مقدر كما إذا وقع دم قليل ثم وقع بعده ما يخرجه من القلة إلى حد الكثرة فاكتفوا فيه بمنزوح الكثير ولا يخلو من قوة وإن كان للمناقشة مجال وزاد المصنف في الذكرى في الاستثناء ما إذا كان التكثر داخلا تحت الاسم كزيادة كثرة الدم فلا زيادة في القدر حينئذ لشمول الاسم وفيه أيضا تأمل واعلم إن الحكم بعدم التداخل على تقدير سعة ماء البئر لنزح التقادير المتعددة واضح وأما مع قصوره عنها فالظاهر الاكتفاء بنزح الجميع إذ به يتحقق إخراج الماء المنفعل والحكم بالنزح إنما تعلق به وكذا الحال فيما لو زاد المقدر الواحد عن الجميع كذا ذكره بعض المتأخرين وفيه حل يظهر انشاء الله تعالى في بحث غور الماء ثم على تقدير الاكتفاء بنزح الجميع إذا كان متعذرا هل يكتفي بتراوح يوم للجميع أو يتراوح لكل نجاسة يوما قال صاحب المعالم فيه نظر من حيث أنه قائم مقام الجميع ويدل عنه وقد فرض الاكتفاء في المبدل بالمرة فكذا البدل ومن أن الاكتفاء بالمرة في المبدل إنما هو لزوال متعلق الحكم بالنزح أعني الماء المنفعل كما ذكرنا وذلك مفقود في البدل ولا يلزم من ثبوت البدلية المساواة من كل وجه ويمكن ترجيح الوجه الأول بأن ظاهر أدلة المنزوحات كون نزح الجميع أبعد غايات النزح عند ملاقاة النجاسات وقيام التراوح مقامه حينئذ يقتضي نفي الزيادة عليه انتهى ولا يخفى أنه على القول بعدم التداخل بالدليل المذكور كما هو مختاره (ره) الظاهر الحكم بوجوب التراوح لكل من النجاسات وأما رجح به الوجه الأول مما لا محصل له لان دلالة الأدلة على كون نزح الجميع أبعد غايات النزح إنما هو في نجاسة واحدة فيكون بدله أيضا أبعد الغايات لتلك النجاسة وحدها لا مع انضمامها بغيرها أيضا وهو ظاهر وها هنا فرعان الأول إن أبعاض المقدر ما حكمه فقد الحقها جماعة من الأصحاب بكله ولا وجه له لمغايرة الكل والجزء فلا يتناوله النص الوارد في الكل وألحقها بعض كالعلامة (ره) بما لا نص فيه وفصل صاحب المعالم وقال إن كان مقدر الكل أقل من منزوح غير المنصوص اكتفى به للجزء لان الاجتزاء به في الكل يقتضي الاجتزاء به في الجزء بالطريق الأولى وإن كان المقدر زايدا فالمتجه عدم وجوب نزح الزايد وهذا الكلام قوي وإن كان للمناقشة في الأولوية المذكورة أدنى مجال ويمكن أن لا يبني الحكم على الأولوية أيضا بأن يمنع استصحاب النجاسة ويقال أن القدر المتيقن من النزح المتوقف حصول الطهارة عليه هذا القدر للاجماع على عدم كفاية ما دونه فيجب هو وينتفي الزايد ثم أنه لو اتفق وقوع الاجزاء كلها في أكثر من دفعة فالمصنف (ره) مع قوله بإلحاق الجزء بالكل اكتفى فيه وبنزح مقدر الكل بناء على صدق الاسم وقد سبق أنه مستثنى من قاعدة عدم التداخل وكان القائل بدخوله فيما لا نص فيه أيضا يقول به ويلزم على هذا القول نقصان النزح بسبب زيادة النجاسة مستعد بيانه أنه إذا وقع جزءان من الحيوان دفعتين بحيث لم يتم كله فعلى القول بالالحاق وعدم التداخل يجب نزح مقدار ذلك الحيوان مرتين وعلى القول بإدخاله فيما لا نص فيه يجب نزح ما يجب فيه مرتين وإذا وقع حينئذ الجزء الآخر الذي به يتم الحيوان يجب نزح مقدره مرة فيلزم ما ذكرنا على الأول مطلقا وعلى الثاني إذا كان هذا المقدر أقل من منزوح ما لا نص فيه مرتين وكأنهم يلتزمونه لان الاستبعاد في الأمور الشرعية لا مجال له خصوصا في أحكام البئر ولا يخفى إن هذا الالزام لا يرد على مختار صاحب المعالم (ره) لأنه وإن لم يقل بالتداخل لكن الظاهر على ما يفهم من دليله الذي نقلنا أنه إذا وقع جزءان دفعتين ويكون منزوحهما جميعا على مختاره زايدا على منزوح الكل فلا يقول حينئذ بوجوب الزيادة بل إنما يكتفي بمنزوح الكل فحينئذ لا يلزم ما ذكرنا ولو وقع جزءان من انسانين سواء كانا تمام انسان أو لا فعلى القول بإلحاق الجزء بالكل يجب نزح مقدر الانسان مرتين ولا يكتفي بالمرة في الصورة الأولى لعدم إجراء الدليل المذكور فيه وعلى القول بإدخاله فيما لا نص فيه يجب منزوح ما لا نص فيه مرتين وعلى قول صاحب المعالم يجب نزح أقل الأمرين من المقدر للكل من كل منهما ومن منزوح غير المنصوص هذا كله على تقدير القول بعدم التداخل وأما على مختارنا من التداخل فالامر في الصورتين ظاهر الثاني الحيوان الحامل إذا مات وكذا ذو الرجيع النجس فقد الحقهما المصنف في الذكرى بغيرهما أما لانضمام المخرج المانع من الدخول في الماء أو لاطلاق قدر النزح ثم قال نعم لو انفتح المخرج أو غيره تضاعف قال صاحب المعالم (ره) وكلامه متجه غير إن اعتبار التعليل الثاني في الحيوان الحامل مشكل من حيث أن الاطلاق انما يجدي فيما يغلب لزومه لذي المقدر كالرجيع الكائن في الجوف وليس الحمل منه كما لا يخفى فالاعتماد على التعليل الأول انتهى وهذا كلام حسن لكن ظاهره ينافي
(٢٤٣)